عقد زواج عرفي شرعي (جاهز للطباعة والتعديل Word + Pdf)

الفن في العصر الفرعوني

- نشأة الفن الحضاري:

تعاقبت للحضارات الكبرى مراحل طفولة ونشأة ثم فتوة وشباب ومراحل كهولة وشيخوخة.. وكثيراً ما طالت مراحل نشأتها وتلونت فيها بلون بيئتها وتعثرت فيها بين الفشل والنجاح في تجارب تناسبها خلقت منها أشياء من عدم وقلدت فيها أشياء اقتبستها عن غيرها.

وآثار الإنسان المصري في بداية عهده خلال العصور الحجرية القديمة عثر عليها في مناطق العباسية ـ الجبل الأحمر ـ المقطم ـ دهشور - سقارة ـ سفوح مرتفعات الأقصر ـ قرب أسوان الواحات. ـ وهذه الآثار تدل على أن قدرة الإنسان الأول على التفكير والإبداع لم تتعد دائرة حياته الفردية الخشنة ومطالبه المحدودة، وأن مراحل التطور فيها كانت تسير بجهد شديد وبطء ويصف هذا التطور العالم الأثري (فلندر بترى) فيقول: "إن الألف الأول من حياة البشر في الدهور الحجرية القديمة لا تكاد تعادل في تطورها الفكري ما كان يتم في تطويره خلال عمر شخص واحد في العصور الحجرية القديمة

إن هذا يعني أن طفولة هذه الحضارة ونشأتها رغم أنها طالت في بدايتها ونشأتها إلا أن الفن في البداية كان وسيلة اتخذها الإنسان لتحقيق هدف كان يرغب في تحقيقه. لهذا كان الفن في بدايته بعيدا عن أن يكون أداة للتعبير عما هو معنوي ما لم يكن يعني به الإنسان البدائي شيئا... بل ليساير الحاجات المادية له، وحين صنع الإنسان أولى أدواته من فروع الأشجار والأحجار وغيرها كان الفن وسيلته لتشكيل هذا السلاح وهذه الأدوات وصقلها.

- ثم إن الفن هو الذي هيأ الأدوات والأواني بأشكالها المختلفة وزين سطوحها بزخارف وصور طبيعية وهكذا بدأ الفن كوسيلة لخدمة الإنسان ويحقق من خلاله متطلبات وجوده ثم كانت الزخارف والصور المنقولة من الطبيعة مرحلة أكثر تطورا... وهذا يعني أن صناعة الإنسان الأول كان يدعمها الفن ليضفي عليها رونقا وجمالاً كلما زاد الإنسان إعجابه بهذه الأدوات والصناعات البسيطة زاد ذلك من تقارب الفنان والصانع من الناس وزاد من التفاهم فيما بينهم مما يؤدى في أغلب الأمور إلى صقل مواهب هؤلاء الصناع والفنانين وانتشار صناعتهم وفنونهم.

فالفنان منذ إن كان ساكنا للكهوف كان دائما يسعى لتحقيق سيطرته على الطبيعة فكلما رسم حيوانا يخشاه رسمه وهو يصوب إليه سهامه حتى يخيل إليه أنه بهذا الـرسـم يـأسره، وكان الإنسـان يـدرك أن هـنـاك قـوى خفية وراء كل الظواهر الطبيعية ووراء تلك الحيوانات المختلفة الأليفة منها أو المتوحشة وكان سعيه الدائم من وراء رسمه لتلك الحيوانات هو تحقيق غاية أخرى منها هي السحر وفاعليته التي يعتقد في تحقيقها بهذا السحر، فكان يعتقد في رسوماته أنها تقع موقع السحر في مدى فاعليته، فكان فيها أسر الحيوان ليتحقق له حصوله على لحوم ذلك الحيوان والعظام والجلود حتى يحافظ على بقائه ويحافظ على نوعه.

- فالفن قديم قدم الإنسان نشأ معه نشأته الأولى وكان له بمنزلة الظل منه لا يفارقه؛ لذا مضى الفن مع الفنان يتشكل بتشكله كما تتشكل عاداته المكان وتباين الزمان.

والفنان البدائي كان يصور حياته التي يحياها ويقلدها حتى يأنس بها ويستأنس ما فيها من حيوانات فهو يستلهم من الزمان الذي يعيش فيه ومن البيئة التي يحيا فيها فهو في كل الأحوال يعبر عن نفسه وانفعالاته وأحاسيسه، فهو هنا أسير ملاحظاته التي استقرت عنده.

- وإذا كانت مظاهر الطبيعة شبه ثابتة وأداة التشكيل شبه ثابتة فإن الإنسان أو الفنان وحده هو الذي يتغير ويمكنه أن يتطور في أسلوب حياته وطريقة تعبيره عن مظاهر الطبيعة ومحاكاتها وعن انفعالاته وأحاسيسه، فالفنان هو مصدر اي تميز وانفراد لفن أي عصر من العصور وفي أي حضارة من الحضارات.

" فالفن إبداع وهو أحد السمات الرئيسية في الحضارة وربما كان أشدها تنوعا وإعجازا "

- الفن المصري القديم ووظيفته:

- يـرى (جـون دیـوى) في كتابه (الفن خبرة) في الفصل الرابع عشر (الفن والحضارة) يحاول رسم الخطوط العريضة لوظيفة الفن في الحضارة المصرية القديمة، أن الفنون التي كانت جماعية أو مشتركة بين عامة الشعب إنما هي ينابيع صدرت عنها سائر الفنون الجميلة.

- فالنماذج التي تميزت بها الأسلحة والسجاجيد والأغطية والسلال والأواني علامات تشير إلى وحدة القبيلة كما أن الرسوم التي وجدت عليها يمكن من خلاله تحديد أصلها.

- أما الطقوس والشعائر والأساطير، كانت تجمع بين الأحياء والموتى في وحدة مشتركة حقا كانت جمالية، ولكنها كانت أيضا أكثر من مجرد استجماع للطاقة من أجل تأدية الأعمال المطلوبة، كما كان السحر أكثر من مجرد وسيلة للسيطرة على الطبيعة حتى تذعن لأوامر الإنسان، كما كانت الولائم أكثر من مجرد إشباع للجوع فقد اجتمعت الأساليب الاجتماعية في هذا النشاط الإنساني في كل متكامل بصورة جمالية وقد نفذت من خلال القيم الاجتماعية والدينية فكانت لها صلة مباشرة بين الأعمال التي يؤديها الإنسان وبين الحياة المادية.

أي أن الفن كان كامنا في صميم تلك الأشياء جميعا.. وأن ما أنتجه الإنسان من فن كان أكثر من مجرد فن وهنا تكمن وظيفته.

فالفنون كانت بمثابة رابطة توحد بين البشر الفن باق ما دامت الحياة باقية، أما الأحياء فهم إلى فناء. وهذا ما أدركه المصري القديم وبلغ سره، فعرفوا خلود الفن تصوره حركات ورموز وإشارات تحمل البقاء والخلود، أي أنه سعى إلى البقاء والخلود من خلالها حتى يتحقق له السعادة في الحياة الأخرى...

- العوامل التي أثرت في الفن المصري القديم وفي قيمته:

1- عوامل جيولوجية.                2 ـ عوامل جغرافية.                   3 ـ عوامل اقتصادية.

٤ ـ عوامل سياسية.                   5 - العقيدة.                              6 ـ توفير المواد الخام الطبيعية.

7- الألوان.                              8 ـ وفرة العبقريات والطاقات الإبداعية الخلاقة.

وكل هذه العوامل سبق الإشارة إليها في الفصل السابق حيث إنها نفس العوامل التي أثرت في الحضارة وقيمتها وبقائها، والفن المصري سار على نمط تشكيلي لا ينحرف عنه في مسيرته إلا يسيرا لأنه سار على النهج الديني.

- العوامل التي ساعدت على تقدم الفن المصري القديم:

1ـ تطور الفكر العقائدي على مر العصور الفرعونية وبلوغ المثالية.

2ـ نشأة علم الهندسة الزراعية التي نبهت الفنان إلى الأسلوب الهندسي في تخطيطه للعمل الفني.

3ـ القوانين والقواعد التي وضعها الفنان في إعداد رسومه ونقوشه وتماثيله.

4ـ الشعور بالكتلة التي بني على أساسهما العمارة والنحت.

5ـ وفرة العبقريات الفنية والهندسية.

6ـ التقدم السياسي والاقتصادي ووفرة الثروات الطبيعية والبشرية.

7ـ تعدد المدارس والاتجاهات الفنية على مدى العصور التاريخية الفرعونية.

8ـ التقدم العلمي في شتى مجالات العلوم.

- أهم الخصائص التي تميز بها الفن في العصر الفرعوني:

1ـ أنه كان يهدف في معظم الأحوال إلى أهداف عملية محددة، وقورا يتميز بالهدوء والاتساق.

2ـ لم يتأثر بالعوامل الخارجية أو التيارات الثقافية الخارجية الوافدة.

3- خضع لقوانين وقواعد موروثة ثابتة.

4- جاءت الفنون المصرية تحمل في طياتها عبر الأيام وأحداث السنين تصور بها حضارة خالدة صمدت إلى جانب الحضارات الأخرى.. وظلت قوية بسماتها التي تفصح عن مصريتها.

5ـ كان الفن وسيلة من وسائل توحيد الوجهين القبلي والبحري وقيام سلطة حاكمة مركزية موحدة.

6- كما كان وسيلة للتأليف بين الطبقات فقد عاش لتمجيد رب البلاد، ورفعه إلى مرتبة الآلهة وجمع الناس على إكباره والدينونة له.

End of Topic

(إيجاد)

(اطّلِع، تعرف، تعلم، درب عقلك، طور من نفسك، زِد معرفتك، كُن على معرفة، فالمعرفة بين يديك)