إعلان الرئيسية

المهر (حُكمه وشروطه ومقداره):


تعريف المهر وبيان حكمه:


المهر اسم للمال الواجب للمرأة على الرجل بالنكاح أو الوطء، وقد سمّاه الله في كتابه:

صداقاً، وأجراً، وفريضة

وهو واجب بدلالة الأمر في قوله تعالى: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ (النساء: 4)

والنحلة ما يوهب بطيب نفس من الواهب. وأقوى من النص السابق في الدلالة على الوجوب قوله تعالى: ﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ (النساء: 24).

فقد أمر النص بإيتاء الزوجات أجورهن، والأجور المهور، والأمر للوجوب ما لم يصرفه عنه صارف، يدلُّ على الوجوب قوله في النص السابق: (فريضة) وما جعله كذلك إلا للزومه، وعدم جواز إبطاله وإهداره.

وقد قرر الفقهاء في مدوناتهم وجوب المهر على اختلاف مذاهبهم، لأن النصوص الآمرة به قطيعة الثبوت قطعية الدلالة.

ونقل ابن عبد البر إجماع أهل العلم على وجوبه، وفي ذلك يقول: " أجمع علماء المسلمين أنه لا يجوز له وطء في نكاح بغير صداق مسى ديناً أو نقداً ". وما يذكر من خلاف بين فقهاء الحنفية وفقهاء الشافعية فيمن تزوج بغير مهر لا يحرم الإجماع، فالحنفية يوجبون مهر المثل بالعقد نفسه في حال عدم تسميته عند العقد، والشافعية يوجبونه بالدخول أو فرض الحاكم له، فالكل متفق على وجوبه وعدم سقوطه.

وقد أخذ قانون الأحوال الشخصية بما أجمع عليه أهل العلم فأوجب المهر في المادة المتممة للأربعين، ونصها: يجب للزوجة المهر المسمى بمجرد العقد الصحيح ".

الشروط التي يجب توافرها في المهر:


يشترط العلماء في المهر الشروط التي يشترطونها في ثمن المبيع، قال الدردير: " يشترط في المهر شوط الثمن، من كونه متموَّلاً طاهراً منتفعاً به، مقدوراً على تسليمه، معلوماً "

وقال ابن قدامة: " كل ما جاز أن يكون ثمناً جاز أن يكون صداقاً من قليل وكثير ".

وما لم يصح أن يكون ثمناً في البيع لا يصح أن يكون مهراً.

قال ابن قدامة: " ما لا يجوز أن يكون ثمناً في البيع كالمحرَّم والمعدوم والمجهول، ولا منفعة فيه، وما لا يتم ملكه عليه كالمبيع من المكيل والموزون قبل قبضه، وما لا يقدر على تسليمه، كالطير في الهواء، والسمك في الماء، وما لا يتمول عادة، كحبة حنطة، وقشرة جوزة فلا يجوز أن يكون صداقاً ".

واختلف أهل العلم في النكاح بالإجازة، (ذهب الإمامان الشافعي واحمد إلى جوازه، ووضع الشافعية قاعدة لما يصح ان يكون مهراً في الإجازة، قال النووي: " كل عمل جاز الاستئجار عليه جاز جعله صداقاً، وذلك كتعليم القرآن، والصنائع والخياطة والخدمة والبناء وغيرها " ومنع منه الإمام أبو حنيفة، وفي مذهب مالك ثلاثة أقوال: قول بالإجازة، وقول بالمنع، وقول بالكراهة، والأخير هو المشهور عن مالك. راجع في هذه المسألة: الاختيار: 3/4، روضة الطالبين: 7/304، بداية المجتهد: 2/21. المغني: 10/101، الحاوي: 12/16)

وقد أخبرنا الحق – تبارك وتعالى – أن والد الفتاتين اللاتين سقى لهما نبي الله موسى زوَّج إحدى ابنتيه من نبي الله موسى، وجعل مهرها أن يعمل عنده ثماني سنوات ﴿قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ ۖ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ﴾ (القصص: 27).

وفي الحديث المتفق عليه أن الرسول ﷺ زوَّج رجلاً من الواهبة نفسها بما معه من القرآن.

مقدار المهر (أكثره وأقله):


قد يكون المهر قليلاً أو كثيراً، جاء في المادة التاسعة والثلاثون: " المهر نوعن: مهر مسمى: وهو الذي يسميه الطرفان حين العقد قليلاً كان أو كثيراً " وقد دلَّ على أنَّه لا حدَّ لأكثره قوله تعالى: ﴿وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا﴾ (النساء: 20)

وهذا محل اتفاق بين أهل العلم، لا خلاف بينهم فيه.

أما اقل المهر فقد اختلف الفقهاء فيه على قولين:

الأول: أنه غير بمقدار معلوم، وهذا مذهب الشافعي واحمد والثوري والأوزاعي والليث بن سعد.

وقد استدلوا لمذهبهم بالحدث المتفق عليه ان الرسول ﷺ قال لرجل زوجه امرأة: (التمس ولو خاتماً من حديد) (3) وروى عامر بن ربيعة: " أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين، فقال لها رسول الله ﷺ: " أرضيت من نفسك ومالك بنعلين؟ " فقالت: نعم، فأجازه. رواه الترمذي.

واستدلُّوا بدخول الكثير والقليل في المال المنصوص عليه في قوله تعالى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ﴾ (النساء: 24)

وذكر ابن قدامة آثاراً عن الصحابة فمن بعدهم انهم كانوا يزوجون في القليل والكثير، فقد كانوا ينكحون على القبضة من الطعام على عهد رسول الله ﷺ، وزوج سعيد بن المسيب ابنته بدرهمين.

القول الثاني: وجوب تحديد حد لا يجوز أن يقل عنه إلا انهم اختلفوا في مقداره، فالحنفية قالوا: هو عشرة دراهم، او ما قيمته عشرة دراهم، وقال مالك: ربع دينار أو ثلاثة دراهم، وقال آخرون غير ذلك، وليس لمن حدّ لأقله حدَاً دليل تقوم الحجة به.

والمنهج الوسط الذي أرشد إليه الرسول ﷺ هو عدم التقليل من المهر، وترك المغالاة فيه، فلا إفراط ولا تفريط، ويخطئ بعض المسلمين إذ يظن أن من السنة ترك المهر أو تقليله بحيث يكون خاتماً من حديد، ويخطى الذين يغالون في المهور بحيث يرهق كاهل الزوج، ويحمله أعباءً ينوء بها، وقد صح أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب في المسلمين فقال: " ألا لا تغالوا صدقة النساء، فإنها لو كان مكرمة في الدنيا، وتقوى عند الله لكان أولاكم بها نبي الله ﷺ، وما علمت رسول الله ﷺ نكح شيئاً من نسائه، ولا أنكح شيئاً من بناته على اكثر من اثنتي عشرة أوقية " رواه احمد، والترمذي، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والدارمي.

وروى مسلم عن عائشة قالت: " كان صداقة لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشَّا، قالت: أتدري ما النش؟ قلت: لا. قالت: نصف أوقية، فتلك خمسمائة درهم ".

ويكره للرجل أن يصدق المرأة صداقاً يضر به إن نقده، ويعجز عن وفائه ديناً.


End of Topic



(إيجاد)

(اطّلِع، تعرف، تعلم، درب عقلك، طور من نفسك، زِد معرفتك، كُن على معرفة، فالمعرفة بين يديك)
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

أهلاً ومرحباً بكم في | إيجاد | تسعدنا آرائكم ومشاركتكم معنا دائماً، فتشاركونا بآرائكم وتعليقاتكم التي تدفعنا إلى مزيداً من العطاء وإيجاد المعرفة