إعلان الرئيسية

نشأة علم الكلام والسمات العلمية للتفكير الخلاَّق


عوامل نشأة الكلام:



- تعددت عوامل نشأة علم الكلام فهو لم ينشأ دفعة واحدة بل تكاملت مسائله واحدة تلو الأخرى، ولم يكن ذلك راجع إلى سبب واحد بل إلى عوامل متعددة ساهم كل منها بنصيب ومنها:

أ - العامل الديني (أحد عوامل نشأة الكلام): 


ويقصد به ما أسهم به الوحي الإلهي في هذا العلم وموضوعاته بما يحتوي عليه من نصوص تدعو الإنسان للتأمل والتفكير في الكون وتدعوه لترك الاعتصام بالدليل، وما تضمنه من ردود على الطوائف التي كانت تدين بغير الإسلام كالمشركين واهل الكتاب وما ورد في القرآن من مسائل فقد ابتعد القرآن الكريم بأسلوبه عن النثر وفنونه والشعر وقيوده، وامتاز بخاصية التحديد والوضوح في القضايا المهمة كالتوحيد، وقدم القرآن الأدلة على القضايا الإيمانية كوجود الله ووحدانية، وإيحاده للعالم فالفرآن كتاب عقيدة.

- وقد نشأ علم الكلام بسبب الحاجة الضرورية التي وجدها المسلمون للدفاع عن دينهم بالحجج والأدلة العقلية ولم يكن الفقه الإسلامي كافياً لمواجهة الكلاميون المسيحيون واليهود الذين تسلحوا بالفلسفة، ولم يكن علم الكلام معارض لعلم الفقه إنما يكمله ويتبع الأصول الفقهية

وقد نشأ علم الكلام وتتنشط نشاطاً كبير ليدافع عن الإسلام كدين وحدة يعرفه المسلمون ليس دين انقسام وتفرقة، ونشأ علم الكلام بغرض الحاجة إليه ونشأ في بدايته نشأة إسلامية وللفارابي رأي بعلم الكلام يقول: " صناعة الكلام، وصناعة الكلام يقتدر بها الإنسان على نصرة الآراء والأفعال المحددة التي صرح بها واضعة الملة وتزييف كل ما خالفها بالأقاويل ".

ولابن خلدون تعريف لعلم الكلام يوافق فيه رأي الغزالي: " علم الكلام هو علم يتضمن الحجاج عن العقائد، عقائد الإيمان بالأدلة العقلية والرد على المبتدعة المنحرفين في الاعتقادات عن مذاهب السلف واهل السنة ".

- ولم ينشأ علم الكلام نتيجة لسبب بعينه، إنما هو نتناج أسباب متضامنة، فهناك عوامل داخل الجماعة الإسلامية كالخلاف حول النصوص الدينية والخلاف حول مسألة الإمامة والتقاء الحضارات وديانات الأمم المفتوحة أعانت ازدهار علم الكلام، وحركة الترجمة وترتب عليها انتقال الفلسفة اليونانية إلى المسلمين.


- الخلاف حول تأويل بعض نصوص الدين: 



حيث ورد في القرآن الكريم الكثير من الآيات التي تبين العقائد ومنها عقيدة التوحيد، حيث أن القرآن عني بالعقائد، واحتوى القرآن الكريم على العقائد المخالفة لها وعلى الحجج الداحضة فكان ذلك من العوامل التي جعلت عقول المسلمين تنهض إلى البحث في العقائد وكيفية الدفاع عنها وقد رد القرآن الكريم كعلى مخالفيه فرد على الدهر به الذين قالوا " وما يهلكنا إلا الدهر والذين الهوا الكواكب مثل الصائبة " ورد على منكري النبوات، لذلك كانت النصوص الدينية نفسها من العوامل التي ساعدت على ظهور علم الكلام إما لأن هذه النصوص قد أنارت عقول المسلمين لحب البحث في العقائد الإسلامية أو لأن بعض النصوص المتشابهة الذي لا يدرك معناه

ب - الخلاف السياسي (أحد عوامل نشأة الكلام): 


ولم يكن هذا الخلاف وحده سبباً في نشأة علم الكلام أي الخلاف بين نصوص الدين، إذ أن النزاع السياسي كان له أثر كبير في نشأة هذا العلم، ومسألة الإمامة والخلافة هي من أبرز الخلافات التي نشأت بين المسلمين، وهذه الخلافات ارتبطت بالدين ارتباطاً وثيقاً وترتب على انقسام المسلمين إلى فرق خائضة في البحث على نحو جدلي خلافي فكان من أبرز العوامل التي عجلت بظهور علم العقائد عند المسلمين.

جـ - التقاء الإسلام بديانات وحضارات أخرى (أحد عوامل نشأة الكلام): 


وساعد هذا العامل على نشأة علم الكلام وهو التقاء المسلمين بأصحاب الديانات الأخرى حيث أن المسلمين قبل الفتوحات لم يكن لديهم الوقت الكافي الذي يجعلهم يتناولون العقائد بالبحث، واحتكاك المسلمين بهذه الديانات السماوية مثلا المسيحية واليهودية حيث انهم كانوا أصحاب علم وفلسفة وترتب على الاحتكاك بهم أن وجد لدى المسلمين وغنى عقلي وحب الجدل والحوار والمناقشة في المسائل الإسلامية والعقائد، وكانت توجد خلافات بين هذه العقائد كما يوجد بين الإسلام والمسيحية حي كان لكل منهم عقائده الخاصة وحضاراته الخاصة كالفرس وقد اسلموا ولم يتخلصوا من عادلتهم التي ورثوها، وأرادوا نشر ه هذه العقائد كيداً للإسلام، فكان لابد من وجود طائفة من المسلمين ذوي الخبرة للرد عليهم وهذا ما فعله المعتزلة من المتكلمين الذين كانت بينهم وبين المجوس مجادلات فكان كل ذلك يؤدي إلى إرساء قواعد علم الكلام

- حركة الترجمة: 


ساعدت حركة الترجمة في ازدهار علم الكلام وهذه الحركة كانت إبان العصر العباس وأعانت على إطلاع المسلمين على المنطق اليوناني والفلسفة أثر قولها وكان ذلك يشجع بعض الخلفاء العباسيين مثل المنصور المأمون، وكان المنطق أول ما نقل إلى العربية ويرجع ذلك إلى حاجة المسلمين الشديدة إليه لأنهم كانوا يرغبون في التسلح به ضد أعدائهم من أهل الديانات حيث كانت لهم دراية بالمنطق والفلسفة وبعد ذلك نقلت كتب فلسفة في الأخلاق – الإلهيات في عصر المأمون حيث ترجمت كتب أفلاطون وأرسطو

ومن نتائج ذلك أن اصطنع المتكلمون المنطق أداة لهم ومزجوا بين العقائد الإسلامية وموضوعات الفلسفة ولا يزال يقترب علم الكلام من الفلسفة حتى اختلطت مباحثهم وكان لا يتميز علم الكلام عن الفلسفة لولا انه اشتمل على السمعيات، وازدهر علم الكلام وظهر في صورته الفلسفية عند المسلمين دالاً على أصالتهم الفكرية إلى الحد الذي جعل زميان احد المستشرقين يقول " اما الحركة الفلسفية الحقيقية في الإسلام فينبغي أن تلتمس عند فرق المتكلمين وفي علم الكلام بنوع خاص " حيث انه كان من الذي ينكرن وجود فلسفة إسلامية بالمعنى الصحيح

- ويعرف سعد الدين التفتازاني علم الكلام فيقول: " الكلام هو العلم بالعقائد الدينية عن الأدلة اليقينية وموضوعية المعلوم من حيث يتعلق إثباتها ومسائله القضايا النظرية الشرعية الاعتقاد به وغاية تحليه الإيمان بالإيقان، والفوز بنظام المعاش ونجاة الميعاد فهو أشرف العلوم ".


- تسمية علم الكلام:



فقد اطلق عليه عدة أسماء حيث جمعها التهانوى في كتابة (كشاف اصطلاحات الفنون) حيث انه يسمى بعلم أصول الدين، وسماه أبو حنيفة بالفقه الأكبر ويسمى بالعلم النظر والاستدلال ويسمى بعلم التوحيد والصفات، وعند التفتازاني يسمى بعلم الشرائح والأحكام الأصلية ويسمى علم التوحيد والصفات، وقد نهى المسلمون الأوائل عن البحث في الله وصفاته وكل ما شابه ذلك، وأخرج جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله (ص) : " من تكلم في الدين برأيه فقد التهمه " وكان السلف الصلاح يعارضون علم الكلام وكانوا يريدون حصر علم التأويل بفئة قليلة، لخطر هذا العلم على الدين وهذا << بحسب رأيهم ولكن علم الكلام نشأ للدفاع عن الدين.


مراحل تكوين علم الكلام:


مر علم الكلام في تكونيه بثلاث مراحل:


المرحلة الأولى من مراحل تكوين علم الكلام: 


وهي المرحلة المدنية أي في عهد الرسول (ص) والخلفاء:

حيث أن العلم الديني كان ينحصر في فهم المعنى الحرفي دون تفسير إلا بالاستعانة بما روى عن النبي (ص) من أحاديث والتي كانت تقتصر على المشكلات الحياتية والفقهية في بداية الأمم.


والمرحلة الثانية من مراحل علم الكلام: 


هي المرحلة الشامية:

حيث انتقل مركز الخلافة إلى دمشق وكان الخلفاء من بني أمية، فانتقل النظر في القضايا الدينية إلى مرحلة النضوج فكان للخلافات وامتزاج المسلمين مع غيرهم من الغرب ودخول اليهودية والمسيحية والمزدكية وغيرها من الديانات في صلب التفكير الإسلامي


المرحلة الثالثة من مراحل علم الكلام:


حيث انتقلت العاصمة السياسية من دمشق إلى بغداد حيث زاد دخول العناصر الأجنبية في ساحة الإسلام حيث أصبحت الإمبراطورية الإسلامية تمتد في رفعة كبيرة من الأرض، فقد تطور علم الكلام في هذا الواقع فأصبح تدوون مقولاته، ودخل العقل والفكر اليوناني إلى مقولات علماء الكلام، وظهر الإسلام كدين سماوي عقلي يعتمد على العقل والفكر.

ويرى المستشرق أوليرى: أن الفضل يرجع للفلسفة الأجنبية في نشأة هذا العلم ويقول " والحق أن الثقافة الإسلامية هي في الأصل جزء رئيسي من المادة الرومانية " ويرى البعض الأخرى أن نشأة علم الكلام ترجع لأسباب داخلية فقط وأبرزهم د/ عمر فروخ الذي يؤكد على أن نشأة علم الكلام في نتاج البيئة الإسلامية وحدهما وقد حدد عواملها وهي أربعة:

1) الفضول العقلي

2) التشدد في المبادئ

3) التفكير السياسي

4) إقناع غير المسلمين بعقائد الإسلام

- فكان علم الكلام نتاج لعوامل داخلية وخارجية أضاف كل منها إلى بناء هذا العلم حتى تكاملت موضوعاته وتميزت شخصية هذا العلم بين العلوم الإسلامية.


السمات العلمية للتفكير الخلاق:



1) زيادة الذخيرة المعرفية:



وتزداد الذخيرة المعرفية فتزداد معها احتمالات تحريك الأذهان، ويقول تايلور " يزداد احتمال ظهور الارتباطات الجديدة والأفكار المبتكرة إذا توفرت ذخيرة متنوعة من الخبرات والذكريات عما لو كانت الذخيرة كلها من نوع واحد " فتكون هذه الذخيرة هي المقدمة الأساسية وترتبط بالملاحظة، وإذا كانت الصدفة تلعب دوراً كبير في تحريك الخيال والتقاط هذه العلاقات إلا انها لا تكفي.


2) حدة الذهن وقدرته على الابتكار:



وهذه هي هبة من الله تعالى " ونتيجة لبعض هذه الصفات النادرة أهمها الخيال الذي لا يختلف عن العبقرية في الآدب والسياسة، ولولاه لما أمكن وضع الفروض ولما تقدم العلم ولا يوجد منهج خاص أو قواعد لاكتساب هذه الموهبة ويمكن القول بأن هذه العلوم لم تكن والظواهر الطبيعية موجودة حقيقة في ننظر العلم قبل أن يكشف عنها الخيال وانه هو السبيل لربط الفروش.


3) الخيال والخيال:



فهو لا يتكون هكذا ولكن نتيجة التفكير والبحث والخيال هو خطوة في عالم المجهول تقوم على التعسف < أي انه يتميز بالتفكير الجريء الحر لأن هذه الجرأة هي السبب في إنتاجه والتقليد هو مطية الخمول والجمود، وليس للخيال شروط صارمة كما للملاحظة والتجربة بل هو حر حبورا ومن النادر أن يتقدم العلوم دون وجود جرأة في الابتكار والحرية وهذه الحرية لا تكون مطلق لأنها دائماً تخضع للظواهر بما تمليه عليها.


4) الذوق العلمي:



هو أن يكون لدى الشخص فطنة لاختبار اتجاهات البحث وهو شبيه بالذوق الأدبي والفني، وبهذا يكون قادر على رؤية النتائج والآثار التي يؤدي إليها البحث وذلك لأنه استخدم خياله في التطلع للأمام بدل أن يقتصر التفكير على المعلومات المسلم بها ويقول بفروج: " أما في المجال العلمي فيقوم الذوق بدور هام في اختيار الموضوعات المثمرة للبحث والتعرف على الاتجاهات المجدية وفي وضع خطة للعمل في الوقت الذي لا توجد فيه سوى وقائع قليلة يمكن الاستدلال على أساسها ونبذ الفروض التي تتطلب تعديلات اكثر من اللازم وفي تكوين رأي بشأن الكشوف الجديدة قبل أن يصبح الدلي حاسماً عليها.

وهذه الموهبة موجودة بدراجات متفاوتة بين الناس وتكون تنميتها لها أهمية كبيرة وتكون بالتدريب على تقدير العلم، ولا يتحلى بالذوق العلمي إلا من يتصف بحب أصيل العلم.


5) المناقشة منبه الذهن: 



وللمناقشة وتبادل الآراء يكون له فائدة عظيمة في إنتاج الفكر وتنبيه الذهن ومن ذلك:

أ‌- فقد يسهم الأخرون في تقدم مقترحات نافعة والمساعدة بحلول مباشرة وغير مباشرة

ب‌- مزج الأفكار قد يظهر أفكار جديدة

ت‌- وتفيد المناقشة في تنبيه الذهب وتحفيزه

ث‌- المساعدة على التخلص من عادات التفكير التي لا تجدي فائدة

ج‌- النقاش من وسائل كشف الأخطاء فالباحث المنعزل يضيع وقته في تتبع أثر زائف


6) التخلص من التفكير المقيد: 



وهناك بعض العوامل التي تعيق عملية الإبداع والابتكار منها:

- طول المدة في مواجهة المشكلة ويوجد طرق للتخلص من التفكير المقيد:

طرق التخلص من التفكير المقيد:


1- ترك التفكير في المناقشة مؤقتاً

2- المناقشة فهي تساعد في التخلص من الاتجاهات الفكرية القديمة


7) الفضول حافز للتفكير: 


حيث أن الأطفال توجد عندهم نزعة فضولية تمكنهم من التعرف على الأشياء والتمييز بينها وعندما يكبر تكون معارفه مكتتبة بالملاحظة والقراءة، وفضول العلماء دائماً يكون إلى البحث عن الأشياء وتفسيراً عما بينها من علامات.

8) مغذيات الخيال: 


التشبيه التصويري، وتمثل الأفكار عن الصور، والتعود على رسم صورة ذهنية للمشكلة.


9) الكتابة: 


وهي من المراحل المهمة في الإبداع الفكري فلها أهمية بالغة فهي عملية فكرية والدليل على أهميتها:

1- فهي من العلميات التحليلية والإبداعية للذهن 

2- تدفع الذهن بشكل واضح وقوي تجاه الفكر المنهجي للتحليل الموضوعي وهي تدعو إلى الابتكار المنهجي عملاً 

3- كما أنها تدريب وتشغيل للذهن في وظائفه الإبداعية.



End of Topic



(إيجاد)

(اطّلِع، تعرف، تعلم، درب عقلك، طور من نفسك، زِد معرفتك، كُن على معرفة، فالمعرفة بين يديك)


ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

أهلاً ومرحباً بكم في | إيجاد | تسعدنا آرائكم ومشاركتكم معنا دائماً، فتشاركونا بآرائكم وتعليقاتكم التي تدفعنا إلى مزيداً من العطاء وإيجاد المعرفة