التشبيه والكناية:
التشبيه:
التشبيه لغة:
لا فرق عند اللغويين بين التشبيه والتمثيل، ولقد عرفه الإمام جوهر بالتمثيل وعرفه ابن فارس أنه يدل على تشابه الشيء وتشاكله لوناً ووصفاً، وقال الزبيدي هو المثل ومنه قوله (مشتبها وغير متشابه).
التشبيه عند المتأخرين من البلاغة:
هو أن يأتي المتكلم بما يدل علي مشاركة أمر لأمر في معني بكاف أو غيرها لفظا أو تقديرا لا علي وجه الاستعارة التحقيقية ولا المكنية ولا التجريد.
أركان التشبيه:
أركان التشبيه أربعة وهم، المشبه والمشبه به وأداة التشبيه ووجه الشبه.
المشبه والمشبه به لهما أربع أحوال:
إما حسيان واما عقليان واما مختلفان.
١- الطرفان حسيان:
والحسي ما يدرك بأحد الحواس وهي البصر والسمع والتذوق الشم واللمس.
المبصرات: كتشبيه خد هند بالورد في الحمرة
المسموعات: كتشبيه صوت هند الضعيف بالهمس في الخفاء.
المشمومات: كتشبيه ريح الفم بريح العنبر.
المذوقات: كتشبيه الريق بالخمر.
الملموسات: كتشبيه الجلد الناعم بالحرير.
٢- الطرفان عقليان:
كقولك العلم كالحياة
٣: المشبه عقلي والمشبه به حسي:
كقولك المنية كالسبع في اغتيال النفوس
٤- المشبه حسي والمشبه به عقلي:
مثل العطر كخلق هذا الرجل المتصف بالكرم، ولكن الرازي أنكر هذا القسم علي خلاف الخطيب القزويني.
أنواع وجه الشبه:
١- وجه الشبه الواحد الحسي وهذا لا يكون طرفاه إلا مفردين حسيين.
المبصرات: كالحمرة في تشبيه الخد بالورد
المسموعات: كالخفاء في تشبيه الصوت الضعيف بالهمس
٢- وجه الشبه الواحد العقلي وهو أربعة أقسام:
القسم الأول: الطرفان عقليان كالخلو عن الفائدة في تشبيه وجود الرجل الذي لا عقل له بعدم وجوده
القسم الثاني: الطرفان حسيان كالجرأة في تشبيه زيد بالأسد
القسم الثالث: المشبه عقلي والمشبه به حسي كالهداية في تشبيه العلم بالنور
القسم الرابع: المشبه حسي والمشبه به عقلي كاستطابة النفس في تشبيه العطر بخلق شخص كريم
٣- وجه الشبه المركب الحسي:
ولا يكون طرفاه إلا حسيين وهو اما ان يكون الطفان مفردان كالهيئة الحاصلة من الحمرة والشكل الكروي في قول الشاعر
وسقط كعين الديك.
وإما الطفان مركبان كالهيئة الحاصلة من هوي أجرام مشرقة مستطيلة في قول الشاعر
كأن مثار النقع فوق رؤوسهم وأسيافنا ليل تهاوي كواكب.
واما المشبه مفرد والمشبه به مركب: كالهيئة الحاصلة من نشر أجرام حمر علي رؤوس أجرام خضر
وكأن محمر الشق ق إذا تصوب أو تصعّد
واما المشبه مركب والمشبه به مفرد كالهيئة الحاصلة من عموم الضوء الخافت في الارجاء كقول أبي تمام
تريا نهار مشمسا قد شابه ظهر الربا فكأنما هو مقمر
٤- وجه الشبه المركب العقلي كما في قوله (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا)
٥- وجه الشبه المتعدد الحسي لا يكون طرفاه إلا حسيين كاللون والطعم والرائحة في تشبيه التفاح الحامض بالسفرجل.
٦- وجه الشبه المتعدد العقلي كحدة النظر في تشبيه طائر ب غراب
٧- وجه الشبه المتعدد المختلف ولا يكون طرفاه إلا حسيين كحسن الوجه وعلو الشأن في تشبيه إنسان بالشمس.
أغراض التشبيه:
أولاً: أغراض التشبيه العائدة إلى المشبه:
١- بيان وقوع المشبه كقول الشاعر فإن تفق الانام وانت منهم فإن المسك بعض دم الغزال
٢- بيان حال المشبه كتشبيه ثوب مجهول اللون لدي المخاطب بآخر معلوم لديه هو السواد.
٣- بيان مقدار حال المشبه كقولك هذا الثوب الأسود كالغراب
٤- تقرير حال المشبه في ذهن السامع كقولك إنك في سعيك هذا كرقمي علي الماء
٥- تزيين المشبه لترغيب فيه كتشبيه الوجه الأسود بمقلة الظبي
٦- تشويه المشبه للتنفير عنه كما في تشبيه وجه مجدور بسلحه جامده نقرتها الديكة
٧- استطراف المشبه وهو إما إبراز المشبه في صورة الممتنع عاده مثل تشبيه فحم فيه جمر موقد ببحر من المسك الزائد وإما إبراز المشبه في صورة النادر الحضور في الذهن
ثانياً: أغراض التشبيه العائدة إلى المشبه به:
وهو ضربان:
١- ايهام ان المشبه به أتم من المشبه في وجه الشبه كقول الشاعر وبدا الصباح كأن غرته وجه الخليفة حين يمتدح
٢- إظهار المطلوب: كما إذا أشير لك إلي وجه كالقمر في الإشراق والاستدارة وقيل هذا الوجه يشبه ماذا؟
فقلت الرغيف.
التمثيل وأثره:
فالتمثيل عند الخطيب والجمهور هو ما كان وجه منتزع من متعدد أمرين أو أمور وسواء كان الوجه حقيقي أو غير حقيقي
أما السكاكي فقال ان التشبيه متي كان وجهة وصفا غير حقيقي وكان منتزع من عدة أمور خص باسم التمثيل مثل قوله تعالي (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارًا)
اثر التمثيل في المعني:
يزيد المعني وضوحا وتأنث إليه النفس ويتضح في النفس أثرها.
الكناية:
تعريف الكناية لغة:
يقول الجوهري الكناية أن تتكلم بشيء وتريد غيره وقد كنوت بكذا وكنوت أيضا فيهما.
ويقول ابن منظور كني عن الامر بغيره يكني كناية يعني إذا تكلم بغيره علي ما يستدل عليه.
وللكناية عند علماء البلاغة تعريفات شتي:
فقد عرفها الامام عبد القاهر بقوله: الكناية أن يريد المتكلم إثبات معنى من المعاني فلا يذكره باللفظ الموضوع له في اللغة ولكن يجئ الي معنى هو تاليه وردفه في الوجود، فيوحي به اليه ويجعله دليلا عله مثال ذلك قولهم هو طويل النجاد. يريدون طويل القامة.
وعرفها الخطيب: الكناية لفظ أطلق وأريد به لازم معناه مع جواز إرادة معناه حينئذ.
أركان الكناية:
١- المكني عنه: وهو موضوع الحديث والكناية
٢- المكني به: وهو لفظ الكناية ولابد من التصريح به
٣- صاحب الكناية: وهو قد يظهر وقد يستتر
الفرق بين الحقيقة والمجاز:
فالمعني الحقيقي ملزوم والمعنى الكنائي لازمه وهو ما عناه عبد القاهر بانه: التالي والردف للمعني الموضوع له
وعلي ما سبق يجوز إرادة المعني الحقيقي مع المعني الكنائي، ففي قولهم : فلان كثير الرماد كناية عن الكرم ويجوز أن يكون لدي منزله رماد كثير.
الفرق بين المجاز والكناية:
فرق السكاكي بين المجاز والكناية من وجهين:
أحدهما: أن الكناية لا تنافي إرادة الحقيقة؛ فلا يمتنع في قولك فلان طويل النجاد أن تريد طول نجاده من غير ارتكاب تأويل مع إرادة طول قامته.
والمجاز ينافي ذلك فلا يصح في:
رعينا الغيث، أن تريد معني الغيث من غير تأويل، لان المجاز ملزوم قرينة معاندة لإرادة الحقيقة.
والثاني: أن مبنى الكناية علي الانتقال من اللازم الي الملزوم،
ومبني المجاز علي الانتقال من الملزوم الي اللازم.
أقسام الكناية:
للكناية ثلاثة أقسام وهي:
الأول:
وهو الكناية المطلوب بها الموصوف: وهي ألا يصرح بالموصوف، ولكن يذكر مكانه صفة تدل عليه، وهي إما قريبة أو بعيده
فالقريبة مثل: جاء المضياف تريد عمراً
والبعيدة: هي أن تتعدد اللوازم ويكون مجموعها مختصا بالموصوف
مثاله في الكناية عن الإنسان حي
الثاني:
الكناية المطلوب بها الصفة:
وهي أن يصرح بالموصوف ولا يصرح بالصفة التي أريد نسبتها إليه ولكن تذكر صفة أخري تدل عليها.
وهي ضربان: قريبة، وبعيدة
فالقريبة: ما ينتقل فيها من المطلوب دون واسطة، مثل محمد طويل النجاد.
(النجاد وهي حمائل السف أي يقصد انه طويل القامة).
وقد تكون الكناية القريبة خفية؛ كما في قولهم: عريض القفا، كناية عن الأبله
والبعيدة: هي ما ينتقل فيها إلى المطلوب بواسطة لوازم، مثل: كثير الرماد، فالانتقال من كثرة الرماد الي كثرة الجمر ومنه الي كثرة الطهي ومنه الي كثرة الضيافة ومنه الي انه مضياف.
الثالث: الكناية المطلوب بها النسبة: وهي أن يصرح بالموصوف والصفة ويقصد بإثباتها لشيء الكناية عن إثباتها للموصوف بها.
مثل قوله تعالي: (وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه)، فالمثوى أي المكان وهو لا ينتفع بشيء وانما يلزم من إسناد الكرم اليه، إكرام من نزل به وهو يوسف عليه السلام. يقول لبن عطية: الإكرام إنما هو لذي المثوى.
End of Topic
(إيجاد)
(اطّلِع، تعرف، تعلم، درب عقلك، طور من نفسك، زِد معرفتك، كُن على معرفة، فالمعرفة بين يديك)
أهلاً ومرحباً بكم في | إيجاد | تسعدنا آرائكم ومشاركتكم معنا دائماً، فتشاركونا بآرائكم وتعليقاتكم التي تدفعنا إلى مزيداً من العطاء وإيجاد المعرفة