إعلان الرئيسية

اختراع الكتابة المصرية وصناعة ورق البردي 


كيف ومتى بدأ اختراع الكتابة المصرية عند المصريين القدماء:



يسجل التطور العلمي لأي شعب من الشعوب باختراع الكتابة وتسجيل مختلف أوجه النشاط، وقد اصطلح المؤرخون على اعتبار الكتابة بداية لتاريخ الشعب، فيما قبل اختراع الكتابة أطلقوا عليه عصر ما قبل التاريخ وما بعدها العصر التاريخي.


وكان توصل مصر إلى اختراع الكتاب سابق على وحدة البلاد السياسية باتحاد مملكتي الوجه البحري والوجه القبلي، وفي الفترة التي أطلق عليه المؤرخون عصر ما قبل الأسرات فكان هذا الاختراع الهام حوالي عام 3400 قبل الميلاد، أي قبل توحيد البلاد بقرنين من الزمان.


وقد وصلت مصر إلى هذا الاختراع الهام في نفس الوقت الذي اخترع فيه السومريون (بلاد الرافدين) الكتابة، ولكن مصر لم تتأثر ببلاد سومر في هذا الأمر، ووجدت طريقتها الخاصة دون مؤثر خارجي، بل ان النهضة الشاملة لجميع مرافق الحياة في تلك الفترة جعلتها تصل في وقت سريع الى استكمال هذا الاختراع وذلك بما كان مكامناً فيها من قوة وفتوة، وأدى استخدام الكتابة الى معرفتنا لبعض الحوادث التي جرت قبل الأسرة الأولى.


بدأت الكتابة المصرية على نظم الصور الذي اتبعه غير المصريين ايضاً، ولكن المصريين استخدموا صور الطيور والحيوانات وغيرها للدلالة اللفظية على معان معينة، ثم تقدم المصريون خطوة أخرى فاستخدموا رموزاً معينة ذات دلالة لفظية بدلاً من صور الحيوانات والطيور أو بالاشتراك معها، وبذلك أصبحت الكتابة سهلة على القارئ المصري القديم يكتبها ويفهمها بيسر وسهولة.


وقد اعتاد المؤرخون ان يطلقوا على الكتابة المصرية القديمة المصطلح الذي استخدمه الإغريق في وصفها وهو هيروغليفية (وتعني عند الإغريق الإشارات المقدسة) وسمي نوع آخر من الكتابة المصرية القديمة (هيراطيقي) وهو ليس نوعاً قائماً بذاته ولكنه خط مختلف مثل الفرق بين النسخ والرقعة في الكتابة العربية.


استخدام المصريون القدماء المداد الأسود في الكتابة:



واستخدم المصريون القدماء المداد الأسود في الكتابة وكانوا يطحنون مادته على ألواح من الخشب، ويتخذون اقلاماً من القصب (البوص) يبرون أطرافها ويدببونها وفق رغبتهم، وكان لديهم ورق ناعم جميل صنعوه من لب سيقان البردي


ويمكننا إذا رأينا الآن النسخ الخطية التي تركوها أن نلمح بين سطورها مهارة الكاتب وقدرته، وكان من السهل عمل صحائف طويلة من البردي يصل طولها إلى بضع عشرات من الأمتار بضم صحائف صغيرة إلى بعضها البعض وإلصاقها، وهناك صحائف خطية جميلة من هذا النوع يبلغ طول الواحدة منها نحو أربعين متراً.


وكانت الكتابة عادة على وجه واحد من البردي، وهو الوجه الذي تكون الألياف فيه أفقية حتى يأخذ القلم سبيله بلا مقاومة وإن كان لدينا بعض برديات كتبت على الوجهين.


أما التلاميذ فكانوا يتدربون على الكتابة على ألواح من الخزف، يمحون الكتابة كلما أرادوا ويستخدمون اللوح دائماً.

وكان اختراع الكتابة فتحاً علمياً كبيراً أعطى الحضارة المصرية فضل السبق على غيرها في ميادين العلم والأدب، فسجلت بها النقوش الدينية والحقائق التاريخية والموضوعات العلمية، والأعمال الأدبية والشعر.


وقد عثرنا على أعمال أدبية مصرية ترجع إلى عشرين قرناً قبل الميلاد، وبذلك سبق الأدب المصري الأدب البابلي، والأدب العبري القديم بعشرة قرون، فضلاً عن سبقه للأدب الإغريقي بما يزيد عن ذلك


وكان للأديب المصري السبق في اختراع الأقصوصة (القصة القصيرة) وصياغتها صياغة فنية ممتعة، وتحليلها تحليلاً نفسياً مناسباً، استفاد منه الأدب الإغريقي فيما بعد، وبرعت مصر في الشعر الغنائي فلا يضارعها في ذلك إلا بابل (بلاد الرافدين)، وكذلك الشعر الديني، وابتدع المصريون الأدب التعليمي والتأملي (الحكم والأمثال)، وكان هذا اللون محبباً إلى الذوق الأدبي المصري.


وقد بقي المصري عدة قرون مهتماً بالتأليف فيه، ساعياً إلى إجادته واتساع آفاقه الاجتماعية، وكان الأسلوب الجميل موضع فخر الكاتب المصري وتقدير القارئ.


صناعة ورق البردي:



ارتبطت صناعة ورق البردي باختراع الكتابة، فاستفاد المصري القديم من نبات البردي الذي كان ينمو بكثرة في مستنقعات الدلتا في العصور القديمة، وتوصل إلى اختراع الورق من ألياف هذا النبات ليقدم بذلك مادة من أعظم ما قدمته مصر للحضارة البشرية، فكانت تقطع سيقان البردي وينزع غلافها الخارجي ويقطع الساق إلى شرائح توضع متقاطعة فوق بعضها البعض ثم تضغط الطبقتان معاً وتدق بمطارق من الخشب على سطح مستو، وربما كان الصانع يضع تحت هذه الشرائح وفوقها قطعاً من القماش لتمتص العصارة الزائدة من شرائح ألياف البردي، وبعد ان تندمج الشرائح معاً تترك لتجف، وبذلك تصبح صالحة للكتابة عليها بعد تهذيبها والصاقها ببعضها البعض لعمل ملفات طويلة من الورق حسب الطلب.


واعتبرت مصر مركزاً لصناعة الورق، فكانت تصدر كميات منه إلى بلاد العالم القديم، وظلت محتفظة بهذه المكانة عدة قرون، على ان استعمال ورق البردي في مصر كثيراً ما كان يتجه إلى سد حاجة الجهاز الحكومي إلى جانب الكتب الدينية والأدبية والعلمية.



End of Topic


(إيجاد)

(اطّلِع، تعرف، تعلم، درب عقلك، طور من نفسك، زِد معرفتك، كُن على معرفة، فالمعرفة بين يديك)
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

أهلاً ومرحباً بكم في | إيجاد | تسعدنا آرائكم ومشاركتكم معنا دائماً، فتشاركونا بآرائكم وتعليقاتكم التي تدفعنا إلى مزيداً من العطاء وإيجاد المعرفة