التربية في المجتمعات البدائية
طبيعي أن يبدأ تاريخنا للتربية في العصور القديمة بنظرة عاجلة نلقيها على التربية في نشأتها الأولي وأشكالها الوليدة، لدي المجتمعات التي اصطلح على تسميتها بالمجتمعات البدائية، ذلك أن الأشكال الأولي والبذور البدائية لأية ظاهرة هي التي تكشف لنا أعماق هذه الظاهرة وخصائصها العريقة البعيدة، تلك الخصائص التي تنتقل معها في الواقع عبر العصور، وتلازمها من خلال التغيرات، مهما يطرأ عليها من تحول ونمو.
وقد بدأ إنسان ما قبل التاريخ حياته في أحضان الطبيعة بغاباتها وما فيها من أشجار متفاوتة الأطوال والأقطار وحيوانات مختلفة الأنواع والأحجام، وكان لابد من أن يصبح عضوا في هذا المجتمع البدائي، فهو يكتسب كثير من الخبرات بأنواعها من الشجر والطير والحيوان ويخطئ ويصيب، ويستغل ما في بيئته من إمكانات سواء من مأكل أو مشرب أو ملبس أو حماية، ويسعى إلى التعامل مع مفردات بيئته بما يرضى كل منها حتى يتلمس طريقة للحياة الآمنة ليسلكها.
وتدريجياً ومع تراكم خبرته الفردية وخبرات الآخرين على قلتهم ممن حوله، عرف بعض الأدوات كالحجر والنار والخشب، واصطنع بعض الأدوات من إمكانات البيئة واستخدم بعضها في الصيد والبعض الآخر في الحماية سواء كانت مسكنا أو دفاعا واقترب من بعض الحيوانات واستأنس بعضها وعرف كيف يرعى بها ويرعاها.
وزاد مع كل ذلك رصيد الخبرات لدى الإنسان البدائي، وزاد أيضا بالتوازي عدد أفراد جنسه وتكونت الأسر الصغيرة ثم الممتدة، ثم تكونت الجماعات والعشائر، والقبائل، واستحدثت الزراعة البدائية، والتي كانت نواة تكوين المجتمع البدائي.
أولاً: المقصود بالمجتمعات البدائية:
يقصد بالمجتمعات البدائية ما قبل التاريخ: أقوام عاشوا آلاف السنين قبل الميلاد، وقبل أن نعرف الكتابة وتسجل التاريخ، ويبدأ ما يسميه المؤرخون العصور التاريخية ولا تساعدنا المعلومات بالمادة اللازمة لمعرفة أفكار إنسان ما قبل التاريخ ولغته، وقيمه
ونظم تربيته، ولكن يلوح أنه استخدم الحركات والعلامات والإشارات والرموز التي أصبحت فيما بعد كلمات للتعبير عن أفكاره، لنقلها للغير ثم استطاع بعد ذلك أن يكيف الكلمات، ويكون لغة مكتوبة، وعندما بدأت اللغة المكتوبة بدأ التاريخ، والتاريخ البشرى فترة تمتد إلى ما يقرب من سبعة ألاف سنة، أما الفترة التي تسبق ذلك فلا تعنى المؤرخون، لأنها تقع في فترة ما قبل التاريخ، لأنها تقع في نطاق اهتمام علماء الآثار والاجتماع البشرى.
هذا عن أفكار ولغة إنسان ما قبل التاريخ، أما عن تربيته فإن لها جذورا عميقة في الماضي إلى الحد الذي لا تدركه السجلات التاريخية الحالية، ذلك لأن قصة الإنسان على الأرض هي قصة صراع دائم ضد العالم الطبيعي، وضد أخيه الإنسان، ولم يخل واحد من هذه الصراعات من دور هام لعبته التربية.
ثانياً: العوامل المؤثرة على التربية في المجتمعات البدائية:
منذ أقدم العصور وهناك عوامل أساسية أو قوى فعالة مؤثرة على أفكار الإنسان وتربيته في المجتمعات البدائية وغيرها، ومـن هـذه العوامل الاقتصادية، والدينية، والاجتماعية والسياسية، وإذا كان تأثير كل عامل يختلف حسب الزمان والمكان، إلا أن العامل الاقتصادي كان أكثرها فعالية في تحديد الفكر البشرى، والسلوك الإضافي في هذه العصور الأولى ولعل هذا متوقع، فإن احتياجاتنا الأولية جسمية، فبدون الخبز لا يستطيع الإنسان أن يعيش جسميا ولا روحيا.
ويلوح لنا أن القوى الدينية التي خضع لها الإنسان الأول منذ آلاف السنين تأثرت كثيرا بالظروف الاقتصادية، فقد جهل الإنسان أسباب الغالبية العظمى للظواهر الطبيعية، خاف الرعد والبرق، وكان عليه أن يتقرب بوسائل شتى من القوى التي تتسبب في الظواهر الطبيعية، في البداية كان الخوف من النار، والعواصف والزلازل والبراكين، والأشجار والصخور، بل خاف الإنسان الأول الجماد أكثر من خوفه الكائنات الحية، كل شيء كان يغضب، ويرضى، يثور ويهدأ، قادرا على تدميره وقادر على أن يتركه لحال سبيله، وكان على الإنسان الأول أن يكيف حياته وفق معتقداته هذه.
وكما أن الكثير من الطقوس الدينية والعبادات تأثرت بالظروف الاقتصادية فكذلك الأمر مع الكثير من أشكال التنظيم الاجتماعي والعادات فقد كان يعيش الإنسان البدائي الحياة في انعزالية، انعزل كفرد وانعزلت الأسر، ويلوح أن محاولات جماعية تعاونت وبذلت جهدا في البحث عن الطعام والحماية من الأعادي، وأن هذه المحاولات اتسمت بالجدية والنظام كما أن احتفالات أقيمت لدفن الموتى ولأغراض السحر ولجذب القوى التي ظنوا أنها تحكم الحياة بعد الموت. عند ذلك حدث نوع من التضامن الاجتماعي القوى والتجانس، إذ شارك أغلب أفراد المجتمع البدائي بعضهم البعض في المعرفة والاهتمامات والأفكار والاتجاهات والأنشطة.
غير أن هذا السلوك الاجتماعي قد تميز بأنه سلوكا عائليا تقليديا، وجامدا نسبيا، فالفرد في المجتمع البدائي يعيش ويحيا باتباع طرق مجتمعه، وساعده على ذلك أن المجتمعات البدائية مجتمعات بسيطة صغيرة الحجم، وثقافتها محدودة وثابتة تقريباً.
أما عن العوامل السياسية، فقد ظهرت أشكالا مختلفة للحكومات منذ آلاف السنين وبظهورها انبثقت القوى السياسية، كما أطلق عليها اليوم، فعندما نما الإنسان صاعدا سلم الحضارة وانتقل من مرحلة البداوة إلى مرحلة الزراعة والاستقرار في مكان وضع يده عليه قائلا انه أصبح يملكه، وهنا بدأت حكومة القبيلة تأخذ شكلا فيه تحديد وصار شيخ القبيلة حاكما أو رئيسا له سلطات وغالبا ما تطور الأمر إلى أن يورث الحاكم الرئاسة على نسله، ومهما كان شكل الحكومة فإن التربية حازت نصيبا غير قليل من الاهتمام في المجتمع البدائي.
ثالثاً: خصائص المجتمعات البدائية:
تقسم المجتمعات البدائية بعديد من الخصائص يمكننا تحديد أهمها فيما يلي:
- المجتمع البدائي متجانس يشترك أغلب أفراده في نفس المعرفة والاهتمامات ويألفون ذات الأفكار والاتجاهات والأنشطة على مستوى المجتمع كله.
- يتسم بالبساطة والتماسك.
- يتسم سلوك أفراده بأنه عائلي وتقليدي وجامد نسبيا ويتجهون للنظر داخل أنفسهم.
- يغلب على أفرادها طابع التفكير العاطفي وتسيطر عليه أفكار مجتمعه.
- وحدة تكوين المجتمع البدائي هي الأسرة الممتدة أو جماعة الأقارب، وتتألف من أجيال عديدة بربطها خط الذكر أو خط الأنثى، والروابط بينها قوية.
- تشترك جماعة الأقارب عموما في مكان واحد للسكن وتسكن كل أسرة صغيرة في كوخ أو مسكن خاص بها.
- تتسم تلك المجتمعات البدائية بالثبات وعدم التحول، واشتراك الجميع في نفس العادات والتقاليد والمعتقدات.
- لا يشجع المجتمع البدائي على الحراك بأنواعه أو تقسيم العمل والتخصص.
- يميل المجتمع البدائي إلى الاستقرار نظرا لمحدودية احتياجات أفراده وارتباطهم بأفكار وقيم ومعتقدات وتقاليد واحدة وثابتة من الصعب تغييرها أو الخروج عليها.
- ذات ثقافة محدودة لذا فإن أعضاء المجتمع يكونون أكثر حساسية للمؤثرات الوجدانية.
رابعاً: ملامح التربية في المجتمعات البدائية:
من أهم ملامح التربية في المجتمعات البدائية أنها تربية ركزت بشكل أساسي علي أن يقلد الناشئ عادات مجتمعه وطراز حياته تقليدا آلياً خالصاً، ومعني هذا أن التربية في المجتمعات البدائية في جوهرها تدريب تدريجي علي معتقدات الزمرة الاجتماعية وعاداتها وأعمالها، وذلك بأنيسهم الطفل البدائي بشكل فعال في الحياة الاجتماعية، إذ يتوقع منه منذ صغره أن يتحمل مسئوليات تتناسب مع قوته وخبراته حيث أنه يكون مسئولا مع أفراد الأسرة الآخرين عن مساعدة الأسرة في كسب عيشها وأمنها وحمايتها، فالصبيان مثلا يصيدون أو برعون ويمارسون بعض الألعاب البسيطة، والفتيات يساعدن في بعض أعمال الحقل ورعاية الصغار.
كما أن من ملامح التربية في المجتمعات البدائية أنها كانت لا تستلزم وقتا طويلاً لأن المعرفة في المجتمع البدائي أقل تخصصا، والمهارات المطلوب نقلها إلى الصغار بسيطة وقليلة، كما أن الرصيد الثقافي للمجتمع يعتبر ضحلا، وجميع اساليب الحياة واضحة للجميع، كما أن التربية كانت تتم مبكرا وعلى مهارات محددة وبسيطة، وبالتالي ينخرط الصغار في مجتمع الكبار بسرعة.
واعتمدت المجتمعات البدائية في تعليم أبنائها على الممارسة والأداء؛ فالطفل البدائي يتولى تعليمه أبواه، فيعلمانه إلى جانب قيم وتقاليد القبيلة صيد الحيوانات تعلما فعليا، كما أن أخته في المنزل تتعلم رعاية الأسرة وأعمال المنزل بمشاركة أمها في أداء واجباتها المنزلية، كما تتميز التربية البدائية بأن الطفل يسعى إلى التعليم بنفسه لأنه يجد فيما يتعلمه ضرورة الاستمرار حياته، فيذهب الطفل مع أبيه أو قريب له أو خبير في قبيلته ليتعلم كل ما يمكنه عن نشاط معين مثل القنص والصيد وبعض مبادئ الرعي والزراعة، وهو في ذلك لا يطلب العلم لأنه يوجد اتفاقا عاما بضرورة معرفة الأشياء وفقط، بل إنه يطلب العلم لأنه يدرك علاقة ذلك التعليم بحياته الحاضرة والمستقبلة، فهو يتعلم من أجل البقاء.
ومن هنا يتضح تكوين الميل لدى الطفل البدائي نحو تعلم أشياء وممارسات تتصل اتصالا وثيقا باحتياجاته واحتياجات أسرته وقبيلته، وهذا يذكرنا بفتور الطفل في المجتمع المعاصر، وعدم رغبته في التربية والتعليم، فالسبب يرجع إلى وجود فجوة كبيرة بين ما يتعلمه في المدرسة وما يجب أن يعرفه ليعمل عملا منتجا كي يمتع نفسه بالحياة فالطفل المعاصر يتعلم سواء رغب فيما يقوم بتعلمه أم لم يرغب، وسواء فهم معنى التعليم بالنسبة لحياته أم لم يفهمه، وهو في معظم الأحوال عاجزا عن ربط ما يتعلمه بواقع حياته التي يحياها، وبذلك تصبح التربية المعاصرة مثبطة في معظم الأحوال للتلاميذ، وبعيدة الصلة عن واقع حياتهم الفعلية.
ومن ملامح التربية في المجتمع البدائي أنه لا يوجد فيه من يتخصص في التدريس فالذي يمارس التربية ويتولاها في المجتمعات البدائية، هو المجتمع بأسره، ولا تتولى هذه المهمة بالتالي أي مؤسسة تربوية مدرسية خالصة، كما شاع وذاع بعد ظهور التعليم المدرسي، ولعل مما يفسر عدم معرفة المجتمع البدائي تلك المؤسسة التعليمية المسماة بالمدرسة المتخصصة في تعليم الصغار، وذلك هو عدم وجود العوامل والظروف التب تقتضي ضرورة وجود مثل هذه المدرسة والتي من أهمها:
- اختراع الكتابة وظهور الحاجة إلى تعلمها.
- تراكم الرصيد الثقافي التراث الاجتماعي والثقافي والديني بشكل يصعب نقله وتعليمه للصغار دون وجود مدرسة متخصصة في التعليم والمحافظة على التراث ونقله.
- تعقد الأنشطة المختلفة في المجتمع مما أقتضى تقسيم العمل والاتجاه نحو التخصص فيه.
- تطوير النظم الدينية والحاجة للتدريب على الكهنوت.
- تفرغ بعض الأفراد واهتمامهم بجمع التراث والمحافظة عليه والدعوة له في أماكن محددة كانت نواة لبعض المدارس.
ومن هنا كان أثر التربية في المجتمع البدائي أثرا غير مباشر يتم عن طريق النقل المتصل الحي للمعتقدات والعادات السائدة في المجتمع، وفي معظم الأحيان يكتسب الناشئة عادات الراشدين ويتمرسون بمواقفهم الانفعالية والعقلية عن طريق الإسهام المباشر في نشاطاتهم ذلك الإسهام الذي يقوم مقام التعلم والتعليم.
وجدير بالذكر أن التزام كل المجتمع البدائي بتقديم التعليم لأبنائه فكرة جديرة بالتأمل، إذا ذكرنا أن التربية الحديثة في آخر تطلعاتها اليوم أخذت تؤكد علي فكرة المجتمع المتعلم، والمجتمع المعلم، وباتت تنزع إلى عدم قصر التربية علي مرحلة من مراحل العمر، وإلى جعلها تربية دائمة مستمرة تمتد من المهد إلى اللحد، وتتم عبر المجتمع ككل لا عبر المؤسسات التعليمية النظامية وحدها. وهكذا يمكننا القول دون ما غلو إننا نعثر في التربية البدائية في أن واحد على جذور التربية المحافظة التقليدية وعلى جذور التربية المتجددة. وهذا مما يزيد في أهمية دراستها والتعرف عليها.
خامساً: أهداف التربية في المجتمعات البدائية:
من الطبيعي أن الإنسان أيا كان مكانه وموقعه وأياً كان العصر الذي عاش أو يعيش فيه تحركه دوافع ويبتغى من خلالها مقاصد وغايات، لذلك كان للتربية حتى في المجتمع البدائي أهداف معينة تحركها دوافع قوية من ورائها ومن بين أهم تلك الأهداف ما يلي:
1 - محاولة دمج الصغار في مجتمع الكبار:
ولقد شهدت جميع الدلائل التاريخية على أن التربية في المجتمع البدائي حققت تلك الوظيفة إلى حد كبير، فمصاحبة الطفل الصغير لوالده إن كان ذكراً ولوالدته إن كانت أنثى وملاحظته وتقليده للأعمال التي يقوم بها كل منهما، وممارسته لها، وتدريبه على مهاراتها، جعلته يستطيع القيام بتلك الأعمال بمفرده بعد فترة وجيزة متحملاً مسئولية كل ما يترتب عليه من نتائج.
٢ - السعي لربط الأجيال بعضها ببعض:
نظرا لطبيعة المجتمع البدائي وأهمية محافظته على أفكاره الخاصة ومعتقداته وتقاليدهم وممارسته، فإنه سعى بوعي شديد إلى استمرار المحافظة على كل ذلك من خلال اكسابها للصغار عن طريق الكبار واعتبار من يخرج على تلك الأفكار والتقاليد خارجا عن قبيلته وهي أقصى ما يمكن أن يتعرض له عضو من أعضاء تلك المجتمعات نظرا لتميزها بالترابط والتماسك الشديد.
3- الحصول على ضروريات الحياة:
المجتمع البدائي محدود العدد وتوزيعاته السكانية قليلة الكثافة إذا قورنت بمساحة الأرض التي يوجد بها المجتمع، فإنه نظرا لضرورات الحياة من مأكل وملبس ومأوى وحماية، فإنه لا يوجد مكان الحالات الإعالة الكبيرة، بل ينبغي أن يسعى الجميع صغيرهم وكبيرهم رجالهم ونساؤهم طلبا وتحقيقا لكل هذه الضروريات، ومن هنا كانت أهمية اساليب التربية المبكرة في المجتمع البدائي.
سادساً: أساليب التربية في المجتمعات البدائية:
لكي تحقق التربية في المجتمع البدائي أهدافها فإنها استخدمت وسائل وأساليب استطاعت من خلالها الوصول إلى مستوى مناسب من إنجاز تلك الوظائف ومن بين أهم تلك الأساليب ما يلي:
- مصاحبة الصغار للكبار وذلك عند أدائهم لأعمالهم وممارستهم لمسئولياتهم المختلفة وحرص الكبار على ذلك، واظهارهم لكيفية أدائهم وممارستهم لأعمالهم ومسئولياتهم أمام الصغار.
- الاعتماد على الملاحظة والتقليد بحيث يتم الأداء الفعلي للعمل في البيئة الطبيعية له تحت سمع وبصر الطفل الذي يلاحظ الموقف عن كتب واهتمام وبدقة، ويسعى إلى تقليده، أما في الغابة، أو مع نماذج طبيعية أخرى مصغرة، كما أنه يحاول تطبيق نتيجة خبراته من موقف الملاحظة والتقليد في مواقف أخرى مشابهة قد يتعرض لها هو شخصياً بمفرده.
- إثارة اهتمام الطفل في موقف اكتساب الخبرة حيث أن الموقف يتميز بطبيعته وممثل في مشكلة ما تواجه الكبير الذي يصحب الصغير سواء كانت تلك المشكلة مرتبطة بصيد حيوان ما، أو الدفاع عن النفس ضد حيوان آخر، أو في تسلق شجرة للحصول على ثمارها أو بعض أغصانها أو في عمليات أخرى بالزراعة مثلا... الخ، ويلحظ الصغير تصرف الكبير في حل هذه المشكلة أو تلك على الواقع.
- استخدام أدوات بسيطة من البيئة إلى جانب الحواس وعلى ذلك فإن مدرستهم هي الحياة سواء الموجودة من حولهم ممثلة في البيئة وما حوته من إمكانات استطاعوا استغلالها أم الحياة الممثلة في أجسادهم وما حوته من إمكانات متعددة جسدية ومعنوية وعقلية) واستطاعوا استغلالها وتنميتها إلى الحد الذي تغلبوا فيه على قسوة الطبيعة والتكيف معها.
تعليق عام على التربية في المجتمعات البدائية:
- أن دراستنا للتربية البدائية ينطلق من أهمية أن الأشكال الأولي والبذور البدائية لأية ظاهرة، هي التي تكشف لنا أعماق هذه الظاهرة وخصائصها العريقة البعيدة، تلك الخصائص التي تنتقل معها في الواقع عبر العصور، وتلازمها من خلال التغيرات، مهما يطرأ عليها من تحول ونمو.
- أن التربية البدائية هدفها أن يقلد الناشئ عادات مجتمعه وطراز حياته تقليداً عبودياً خالصا جوهرها تدريب الإشباع الحاجات المادية.
- لم تكن هناك مؤسسات تتولي تربية الصغار وإنما كان عبء ذلك يقع على المجتمع بأسره، والذي تنادي به في أيامنا هذه وتطلق عليه هذه المجتمع المعلم.
- أن الاقوام البدائية تترك لأطفالها مجالا واسعا من الحرية ولذا فإن الاطفال يفيدون من ذلك فيركنون إلى الألعاب الممتعة التي يقلدون فيها الكبار.
- خلافاً لما يمكن أن يستخلصه الكثيرون لا يرافق التربية البدائية أي قسوة أو وحشية، فالطفل في المجتمعات البدائية تجسيد للجد الذي يحمل اسمه وهو بهذا المعني يوحي الشعور بالاحترام، كما أنه ما دام هذا الطفل لم يندمج في مجتمعه اندماجا كاملا تظل روحه خارج متناول هذه الجماعة حاملة معها كل الشرور الممكنة ولهذا لابد وأن تعامل معاملة برق وحذر، ومن هنا كان الأطفال يعاملون بلين ورفق ولا يضربون، ويبدو أن القسوة في التربية تسير جنبا إلى جنب مع نمو الحضارة وتطورها).
قراءات إثرائية
- ول ويريل ديورانت: (قصة الحضارة) نشأة الحضارة، الجزء الأول، المجلد الأول، ترجمة زكي نجيب محفوظ دار الجيل، بيروت، ۱۹۸۸
- عبد الله عبد الدائم التربية عبر التاريخ من العصور القديمة حتى أوائل القرن العشرين، الطبعة الخامسة دار العلم للملايين لبنان، بيروت، ١٩٨٤م.
End of Topic
(إيجاد)
(اطّلِع، تعرف، تعلم، درب عقلك، طور من نفسك، زِد معرفتك، كُن على معرفة، فالمعرفة بين يديك)
أهلاً ومرحباً بكم في | إيجاد | تسعدنا آرائكم ومشاركتكم معنا دائماً، فتشاركونا بآرائكم وتعليقاتكم التي تدفعنا إلى مزيداً من العطاء وإيجاد المعرفة