إعلان الرئيسية

الرمزية ودورها في نقل الأحداث


- تعريف الرمزية بشكل عام:


الرمزية SYMBOLISM والرمزية هي اتجاه فني عرفه الفنان المصرى منذ عصور ما قبل التاريخ والذي اهتدى به إلى رموز وعلامات اللغة المصرية القديمة، والتي اكتملت في العصور التاريخية.

وعن الرمز يقول " كاسيرر " في كتابه.Language) and Myth, P) إن الرمز لا يمكن النظر إليه باعتباره محاكاة للواقع بل هو في المحل الأول بمثابة بعد من أبعاده(Organs of Reality)  

۔ والإنسان عنـد كاسيرر خالق لشتى الأشكال الرمزية والتي منها (الفن)، والواقع الرمزي هو الواقع الحقيقي بكل معنى الكلمة، والتشكيل الرمزي هو الوظيفة التي تقوم بها الصورة، وهذا يعني أن العمل الفني ليس مجرد رمز بل هو أيضا خلق وتصوير للأشكال. 

ـ والرمز يتميز بتنوعه لأنه من الممكن التعبير عن المعنى الواحد بلغات مختلفة كما يمكن التعبير عن رأي أو فكرة في حدود لغة واحدة بمصطلحات مختلفة أما الإشارة أو العلامة مرتبطة بالشيء الذي نشير إليه على نحو ثابت وكل إشارة واحدة ملموسة تشير إلى شيء واحد معين، كما أن قدرة الفنان تتجلى بالدرجة الأولى على صياغه شكلاً محددا لأشد مشاعرنا غموضا ومن هنا اكتسب العمل الفني أو الرمز قيمته.

- أنواع الرموز في الفن المصري:


ـ الرموز في الفن المصرى ترتبط بخاصية معينة من خصائص الثقافة المصرية والمقصود هنا استخدام الهيروغليفية كنمط من أنماط الكتابة، فهي من أجمل أنماط الكتابة التي عرفها الإنسان ويأتي هذا الإحساس النابع من عـاطـفـة دينية راسخة في نفوسهم، فهي السبب في دقتها، خصوصا في النقوش الأثرية على مدى التاريخ المصري القديم، وكانت لكل مرحلة ثقافية كبرى إسهامها الخاص بها كما لم تكن هناك نهضة في مصر إلا وكانت مصحوبة بنهضة موازية في أسلوب الكتابة الهيروغليفية.

والرمز في الفن المصرى نوعان:


النوع الأول من الرموز في الفن المصري:

الرموز التصويرية:


وهي الكتابة المصرية القديمة التي تعبر عن الشيء برسم صورة له، ولما كانت بعض المعاني مجردة إلى حد يصعب معه تصويرها تصويرا حرفيا فقد استعيض عن التصوير بوضع رموز للمعاني فكانت بعض الصور تتخذ بحكم العادة أو العرف للتعبير عن الفكرة التي توحي بها لا عن الشيء المصور نفسه.

ـ فكانت الأذن مثلا تعنى السمع كما أن العين تعنى الرؤية أو الإبصار كما كانت المحبرة والريشة تعني الكتابة أو اسم الكاتب.. كما استعان المصرى مع حروف الهجاء بصور معبرة عن المعنى المطلوب من الكلمة المكونة من عدد من الحروف وعرفها علماء اللغة بأنها المخصص Determinative الذي يوضح المعنى المطلوب من هذه الكلمة.

فمثلا كلمة (رع) مع قرص الشمس تعنى الشمس نفسها أما إذا أردنا الإشارة إلى (الإله رع) أضيف إلى كلمه (رع) شكل رجل جالس ذي لحية.. يمثل الإله، وهكذا ... والرمزية التصويرية هي الكتابة المقدسة عند المصريين القدماء وشاع استخدامها على جدران المقابر والمعابد وفي النصوص الدينية فقط.

النوع الثاني من الرموز في الفن المصري:


الرموز التجارية: 


وأقدم الرموز هي تلك التي وجدها" فلندرز بترى Flinders Petrie على قطع من الفخار وعلى قطع حجرية في مقابر ما قبل التاريخ في مصر التي نسبها إلى أهل نقادة، ومعظم هذه الرموز كانت علامات ترمز إلى أصحابها أو صانعيها فلم تكن رموزا عشوائية وإنما كانت علامات كتابية تخطيطية بدأت شخصية ثم شاع بعضها وأصبحت أداة خطية من أدوات التفاهم بين الناس وقد ظهرت منها نحو ۳۰ علامة خلال عصـر نقادة ثم اختفت ستة منها وحل محلها ١٤ علامة جديدة.

- ما هي رموز المقاطعات:


قسم علماء الآثار (الوجه القبلي إلى ٢٢ مقاطعة) كما قسم الوجه البحرى إلى عشرين مقاطعة وكان لكل مقاطعة منها رمزا: رموز مقاطعات الوجه القبلى

ونذكر منها على سبيل المثال: 


رأس البقرة (رمز المقاطعة السابعة). الصاعقة (رمز المقاطعة التاسعة). الصقر المحلق (رمز المقاطعة الثامنة عشرة). شجرة البطم (رمز المقاطعة الثالثة عشرة). رموز مقاطعات الوجه البحرى نذكر منها على سبيل المثال: ـ الصقر (رمز المقاطعة الثالثة). 

- السهمان المثبتان على جلد حيوان في هيئة صليب (رمز المقاطعة الرابعة).

- الجبل ذو الثلاث قمم (رمز المقاطعة السادسة) وغيرها. 

- K ـ على أن هـذه الرموز لم تبق في أماكنها الأصلية، فمثلاً نجد أن قرص الشمس، الوجه الإنساني، والـعـقـرب، الفيل، بعض الـنـبـاتـات قد اختفت من المقاطعات التي ترمز لها وحل محلها رموز أخرى.

- ورغم هـذا فقد بقيت رموز المقاطعات بعد ذلك طوال العصور التاريخية رموزا ثابتـة لمقاطعاتها، ولكن ما يطرأ عليه التعديل أو التغير هي رمـوز أو صـور الآلهة الخاصة بهذه المقاطعات، وذلك إما نتيجة لتطوير الفكر العقائدي أو نتيجة لتطور المقاطعة نفسها من مقاطعة إلى مدينة أو عاصمة.

- وهذه الرموز أو العلامات هي تلك الرسوم والنقوش الموجودة على الأدوات والأواني التي ابتدعها فنان عصور ما قبل التاريخ وطور فيها وزاد عليها وأثراها بفنه وما أبدعه فنان العصور التاريخية. ـ كما كان من مظاهر الحضارة النقادية في مرحلتها الثانية (جرزة) قد غطت الكثير من بقاع الأرض المصرية وصبغتها بطابع وأسلوب حضاری متجانس قبل أن تتم الوحدة الحضارية الشاملة والكاملة على أيام (نقاده الثالثة).

- علامات أبجدية اللغة:


رموزها أو علاماتها أو حروفها كلها تصويرية كما ذكر من قبل وتتكون من: 


1 - علامات ذات الصوت الواحد Uniliteral Signs ٢٥ علامة.

2 - علامات ذات الصوتين ( Biliteral Singns) 16 علامة. 

3ـ علامات ذات الأصوات الثلاثة (Triliteral Signs) ١٤علامـة. 

وهناك علامات لها دلالات محددة، وهي التي تأتي كمخصص.

- ما هو الخط الهيروغليفي:


وهي كـلـمـة مـن مـقـطـعـيـن أصـلـهـا يـونـاني (هـيـروس Hieros) (جـلـوفـوس Glophos) وتعنيان (الكتابة المقدسة) لأن استخدامها كان قاصرا على الكتابة على جدران الأماكن المقدسة كالمعابد والمقابر. - الخط الهيراطيقي: وأصلها من الكلمة اليونانية (Hieratikos) وتعنى (الكهنوتي) إشارة إلى الكهنه لأنهم أكثر الناس استخداما لهذا الخط.

- ما هو الخط الديموطيقى:


اشتق من الكلمة اليونانية ( Demos) التي تعنى (الشعبي) لأن هذا الخط أصبح الأكثر استخداما وشيوعا بين عامة الشعب.

- ما هو الخط القبطى:


وهو اشتقاق من كلمة يونانية أيضا هي (إيجوبتي) وتعنى (مصرى)، وهذا الخط كتب بحروف يونانية تلك اللغة المصرية القديمة... فالأبجدية يونانية، ولكن اللغة ظلت بمنطوقها المصرى والتي عرفت فيما بعد باللغة القبطية نسبة إلى هذا الخط في العصور الميلادية.

- علاقة الكتابة بالفن المصري:


الكتابة هي التي وثقت العلاقة بين الكاتب والفنان، كذلك الأمر فإن النصوص المكتوبة على الجدران وغيرها إنما تمثل شكلاً من أشكال الفن المصغرة. والتي تؤدي غرضاً محدداً لتحقيق تكامل بين رؤية الأشكال المرسومة أو المنحوتة وبين مفهومها والغرض منها، وقد يكون الكاتب هو نفس الفنان الذي قام بتنفيذ بعض الأعمال الفنية التي نستعرضها والموجودة على جدران المقابر والمعابد وغيرها.

ـ والمرء حينما يظل عاكفا على التدريب والتمرين على رسم الحروف والرموز الهيروغليفية كي يتعلم الكتابة فإنه يصبح بعد ذلك رساما، لأن الحروف أو الرموز أو العلامات الهيروغليفية هي في الحقيقة نوع من الرسم... كما أن النص المكتوب ما هو إلا تجميع لتلك العناصر المرسومة.

ولكن عملية الخلق والابتكار ودقة التصميم هي التي تميز بين الفنان المبدع والفنان أو الرسام الناقل أو الكاتب.. وهذا يعني أن الكاتب المصرى بحكم طبيعة عمله يمكن أن يكون رساما جيداً وفناناً إذا امتلك قدرة الخلق والابتكار أو الإبداع.

ـ كما أن العلاقة الأكثر قوة بين الفن المصرى والكتابة (كلمات الإله) فهي قوتها الفعالة العلوية لكليهما (لاعتقادهم) بأن تلك الصور والإشارات أو الرموز يمكن أن تدب فيها الروح عن طريق السحر

- ثم إن الأعمال الفنية عند المصري القديم عبارة عن رموز أو صور كتابية مكبرة تنقل أفكارا عن الأشياء ولا تحمل أي مفهوم حيزي (مكاني) لها ذلك لأن الهدف من الكتابة هو نفس هدف الكلمات الإلهية التي تتجسد في الهيروغليفية وينحصر في تحقيق وظيفة عملية تركيب العبارات وذلك محاكاة لإبداع العالم الذي حققه (الإله بتاح) عن طريق الكلمة الخلاقة التي اتصف بها الإله (إله منف).

ومن النادر أن نجد أعمالاً فنية خالية من النقوش الخطية المصاحبة توضح المشهد أو تصفه أو تحدد هدفه ومضمونه، لأن الفنان المصرى يعبر عما يعرفه بعمله الفني لا عما يراه لأنه كان خاضعا لقواعد أساسية كانت تتحكم في الفن المصرى القديم وعند ظهور الهيراطيقية، السابق الإشارة إليها التي هي تبسيط للخط الهيروغليفي، واختصارا لرموزه وعلاماته فالكتابة المصرية بخطوطها المختلفة شكل من أشكال الفن فأسماء الملوك وألقابها تأخذ شكلا فنيا ثم إن منظر الرجل الراكع لأحد الآلهة يتكامل مع النص المكتوب للصلاة.

ـ فهذا التفاعل والتكامل بين النص المكتوب سواء أكان على جدران المقابر أو المعابد أو على أوراق البردي والصورة المرسومة عليها يعمق التذوق الجمالي للعمل الفني محل المشاهدة

ـ كما كان لخطوط الكتابة المصرية الفضل الأول في كشف غموض تلك الحضارة التي ظلت سرا دفينا حتى أواخر القرن الثامن عشر عندما دخلت الحملة الفرنسية مصر وعثور رجالها على حجر رشيد عام 1799 الذي يرجع تـاريخ كتابته إلى عصر الملك (بطليموس الخامس) الـذي حكم مصر عام 197 ق. م ، كتب عليه نص مرسوم أصدره بطليموس دون بثلاثة خطوط (الهيروغليفية ـ الـديـمـوطـيـقـية - اليونانية) والذي حل رمـوزهـا الـعـالـم الـفـرنسي (فرانسوا شمبليون) عن طريق مقارنه الأسماء بين اللغتين المصرية واليونانية. وآل هذا الحـجـر طبقا لمعاهدة 1801 إلى الإنجليز وهو الآن من أهم الآثار المعروضة بالمتحف البريطاني بلندن. وحجر رشيد عبارة عن كتلة حجرية من البازلت الأسود غير منتظمة ملساء السطح يزيد طولها على ام وعرضها نحو ۷۰ سم

من أشكال الرمزية في الفن المصرى:

 

الرمزية المركبة: 


وهي اتجاه فنی ساير تطور الفكر العقائدي في صياغة صور الآلهة طوال العصور التاريخية. 

ـ وإذا كانت المذاهب والأساطير أفصحت عن طبيعة الفكر العقائدى المصرى بما فيه من تعدد للآلهة والمعبودات بأشكالها المختلفة إلا أن العادات الفكرية المحافظة للمصريين جعلت من الصعب التخلي تماما عن كل الخصائص الحيوانية وغيرها كرموز لمعبوداتهم، فإذا ما حل فكر عقائدي جديد محل فكر آخر كان من الصعب التخلي عنه أو تغيره فأما أن يجعلوهما يتعايشا معا أو يمزجونهما معا في فكر جديد.

وهذا ما جعلهم يصورون أفكارهم بأشكال رمزية مركبة على جسد إنساني أو رأس بشرى على جسد حيواني أو غير ذلك من الأشكال والصور الرمزية المركبة التي جاءت حسب الفكر العقـائـدى التراكمي لهذه الآلهة والمعبودات التي اكتملت صورها خلال العصور التاريخية.

ولما كانت الرموز المصرية غنية بتنوعها وكثرتها، وأن معظمها كان يحمل معاني ومدلولات لغوية ودينية لهذا دخلت هذه الرموز على موضوعات الفن المصري لتسهيل مهمة تحديد الهدف من الكثير من هذه الأعمال وتحديد مضمونها وبالتالي فهمها وإدراك مغزاها الفني والديني أو الدنيوي. فلم تكن النصوص المكتوبة على جدران المقابر والمعابد أو غيرها هي فقط التي تدل عن الموضوع المرسوم أو المنقوش أو المنحوت بل كان لكثير من الرموز دور أساسي في تحديد مضمون تلك الأعمال والغرض منها، هذا إلى جانب دور الفنان الإبداعي أو الابتكاري في صياغة هذه الأشكال الفنية التي تفوق كل تصور يتخيله أي فنان معاصر.

وفي النهاية.. فإن الرمزية في الفن المصري كانت رمزية مباشرة لا تحمل معاني أو مضامين غير التي ترمز إليها على عكس مفهومنا للرمزية في عالمنا المعاصر التي تحمل في طياتها الكثير من المعاني والمترادفات والمضامين غير المباشرة. 

ـ لهذا كان للرمز ور فعال وإيجابي سـواء أكان في مجال اللغة السابق الإشارة إليها أو في مجال العقيدة وصياغة صور الآلهة وعالم الآخرة أو في مجالات أخرى من أجل تحقيق غرض محدد منها.




End of Topic



(إيجاد)

(اطّلِع، تعرف، تعلم، درب عقلك، طور من نفسك، زِد معرفتك، كُن على معرفة، فالمعرفة بين يديك)

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

أهلاً ومرحباً بكم في | إيجاد | تسعدنا آرائكم ومشاركتكم معنا دائماً، فتشاركونا بآرائكم وتعليقاتكم التي تدفعنا إلى مزيداً من العطاء وإيجاد المعرفة