اضطرابات الوظائف النفسية
العرض النفسي:
هو تعبير عن الاضطرابات، وعلامة من علامات المرض النفسي، وكل الأمراض النفسية تلاحظ وتصنف على أساس الأعراض.ولا يخلو إنسان من الأعراض، وفي نفس الوقت يندر أن تجتمع كل الأعراض المميزة للمرض النفسي في مريض واحد، والفرق بين الشخصية السوية والشخصية المريضة من حيث الأعراض فرق في الدرجة وليس فرقاً في النوع، والواقع أن كل فرد لديه استعداد للمرض، وتختلف الأعراض التي تظهر على مرضى الأمراض النفسية اختلافا بيناً، فقد تكون الأعراض شديدة واضحة حتى يدركها العامة لأول وهلة، وقد تختفي لدرجة أن يصعب تمييزها إلا لذوي الخبرة المتمرسين على اكتشافها، وإدراكها، مما يضطرنا أحيانا إلى إعطاء بعض العقاقير المثيرة كي تساعد على ظهورها وتمييزها ، والأعراض المقنعة (المخفية) لا تقل أهمية عن الأعراض الظاهرة ، بل قد تزيد ، إذ أن إدراكها يكون في المراحل الأولى للمرض، تلك المراحل التي يمكن فيها أن يعالج المريض علاجا ناجحا إذا نحن بذلنا الجهد الكافي للوصول إلى " التشخيص المبكر " . هذا وقد تكون الأعراض بالغة الشدة بحيث تضطرب معها علاقة الفرد بمجتمعه، الأمر الذي يجعل المريض عبئا ثقيلا على عائلته، كما قد تكون خفيفة حتى أن المريض يستطيع أن يمارس عمله، ويحافظ على مستوى إنتاجه وعلاقاته الاجتماعية، الأمر الذي قد يجعل ذهابه إلى الطبيب النفسي مدعاة لدهشة مخالطيه، غير أن هذه الأعراض الخفيفة قد تسبب لصاحبها من الألم والمعاناة ما هذا فضلا عن أنها قد تتطور إذا ما أهملت إلى ما لا يطيق، رغم مظهره السوي أعراض اشد خطراً وأصعب علاجا.
- اضطرابات الوظائف النفسية:
- اضطراب الوعي والانتباه (Disorders of Consciousness):
في حالة اضطراب الوعي، نجد أن الإحساس لا يعمل بكامل طاقته، ولا تؤدي الحواس وظائفها على ما يرام، ويكون الإدراك والفهم معوقاً، ويكون المريض غير قادر على إدراك بيئته من حيث الزمان والمكان والأشخاص.
وفيما يلي اضطرابات الوعي:
1- النوم:
هو تغير طبيعي للوعي وقد يزيد النوم أو يقل عن المعتاد، وقد يختل نظامه، كما قد يتخلله أعراض كالمشي أثناء النوم أو الكابوس.2- الذهول (Stupor):
وفيه يقل الوعي لدرجة كبيرة، ولا يستجيب المريض إلا للمؤثرات شديدة الألم، ويكون ساكنا هادئا لا يتحرك ولا يظهر على وجهه أي تعبير، ويشاهد في الخواف الشديد، وفي الهستيريا وفي الاكتئاب وفي الفصام الحركي وفي حالات أمراض المخ العضوية وحالات التسمم.
3- الغيبوبة:
وهي أشد درجات السبات وفيها لا يستجيب المريض لأي مؤثر مهما بلغت شدته وقد يتغير الوعي نوعاً مثل:1- الانشقاق:
وهنا يتميز كل نشاط بدرجة من الوعي تختلف عن النشاط الآخر كالمشي أثناء النوم، حيث يكون النشاط الحركي واعيا في حين أن النشاط الحسي نائما.
2- التوهان:
حيث يعجز المريض عن التعرف على ما بالبيئة من أشخاص وزمان ومكان.3- ازدواج إدراك البيئة:
وهنا يدرك المريض أنه يوجد في مكانين بعيدين عن بعضهما في نفس الوقت (مثل وجوده في القاهرة وطنطا في نفس اللحظة).وقد يضطرب الانتباه في إحدى الصور التالية:
1- زيادة الانتباه:
فينتبه لكل المؤثرات ولتفاصيلها أكثر من العادة2- قلة الانتباه:
وهو أول درجات الذهول .3- الانشغال:
وهنا ينتبه المريض إلى مؤثر داخلي (فكرة) فيشغله عن الانتباه للمؤثرات الخارجية .4- تحول الانتباه:
حيث يتحول الانتباه من مؤثر إلى آخر بسرعة مهما كان المؤثر غير متعلق بالموضوع الأصلي، وقد يصاحب اضطراب الوعي هذا :
1 – صعوبة إدراك ماهية الأمور
2 – غموض التفكير وتفككه
3 – تأرجح حالة التوهان، فيمكن للمريض التعرف على البيئة آنا، ويعجز آنا آخر، هذا، وقد يزيد اضطراب الوعي حتى يصل إلى درجة الغيبوبة.
- اضطراب الإدراك (Disorders of Perception):
1- الإدراك :
هو قدرة الفرد على إدراك البيئة عن طريق حواسه، وتفسير معناها، ويضطرب الإدراك نتيجة وقوع الشخصية فريسة لأسباب تؤدي إلى سوء تفسير المثيرات الحسية، نتيجة لوجود نقص أو عيب في أعضاء الحس ذاتها أو إلى نقص أو عيب في وظائفها.
2- الخداع :
هو إدراك حسي خاطئ ومشوه لشيء حقيقي موجود، يدرك فيه المريض المؤثر الخارجي على غير حقيقته، فقد ينظر على حبل مثلا فيراه ثعباناً، وقد يرى المريض الناس من حوله بوجوه عابسة وتعابير غاضبة، أو على العكس يراهم جميعا مرحين فرحين تعلو محياهم البشاشة.
3- الهلاوس:
ما هي إلا استجابات حسية واضحة، أو ادراكات حسية زائفة، مصدرها التصور الخاطئ أو الخيال الواهم - أي دون وجود منبه - وتسمى حسب نوع الاستجابة (فهناك الهلاوس السمعية، الهلاوس البصرية، الهلاوس الشمية، الهلاوس اللمسية، الهلاوس، التذوقية)، أي تحدث في أي من الحواس الخمس، وفي الإحساسات الحشوية كذلك فهناك هلوسة بصرية، وسمعية، وشمية، وذوقية، ولمسية وحشوية.
وقد تكون الهلوسات مبهمة كما قد تكون محددة المعالم لأشخاص أو أشياء واضحة كما قد تختلف من حيث الحجم فتكون أكبر أو أصغر من الحجم المعتاد أو قد تماثله، هذا وقد تكون الهلاوس باردة أي لا يصحبها هياج ولا اضطراب عضوي وهذا النوع أخطر دلالة مما لو صحبه أحد هذه المظاهر، فالمريض الذي يكابد هلوسات سمعية، نراه كثيرا ما يلجأ إلى حشو أذنيه بكرات من القطن، زاعماً أنه إنما يفعل ذلك لدرء الأصوات التي تدهم رأسه باستمرار.
وتجد المريض الذي يعاني من هلوسات شمية، إما أن يمسك بأنفه بأصبعيه، أو أنه يغطيه بمنديل بشكل مستمر.
وكثيرا ما نرى أناسا يعانون هلوسات بصرية، فنراهم وكأنهم زائغو الأبصار، فهم ينظرون إلى لا مكان معين، أو ترى الواحد منهم وكأنه مثبت بصره على مكان غير منظور، أي يبصر شيء أمامه في حالة غيابه، أو يرى أضواء باهرة وحيوانات تزحف اتجاهه، لذا نرى أن الهلاوس البصرية تثير الخوف والذعر في المريض أكثر من الهلاوس السمعية.
وكثيراً ما نرى اناس يعانون هلوسات شمية، كان يشم المريض روائح كريهة تنبعث من حوله أو من نفسه، أو يعانون هلوسات لمسة، كأن يعتقد المريض بأن المارة من الناس يلمسونه في أعضاء حساسة، أو يعانون هلوسات تذوقية كان يحس بطعوم مختلفة في الفم، وعادة ما تصاحب هذه الهلاوس هلاوس شمية، أو يعانون من هلوسات حركية كأن يحس بوجود عضو غير موجود في الجسم، أو قد تغير في حجم وشكل بعض الأعضاء وخصوصا الأعضاء التناسلية، وغالبا ما تظهر هذه الهلاوس بعد بتر الساق أو الذراع، فنجد المريض يداوم للإحساس بوجود العضو المبتور، بل ويشكو من آلام شديدة في هذا العضو المفقود.
- اضطراب الذاكرة (Disorders of Memory):
- التذكر:
هو إحدى الوظائف العقلية الهامة، ويتضمن عمليات ثلاثا متكاملة هي التسجيل والحفظ والاستعادة أو الاسترجاع ويكون اضطراب الذاكرة كمياً، ومن صور ذلك:
1- حدة الذاكرة:
حيث يتذكر المريض كل الأحداث وتفاصيلها بشكل غير عادي، وخاصة الخبرات الأليمة أو الخبرات السعيدة المشحونة انفعالياً، وتشاهد في الهوس الخفيف وفي الهذاء (البارانويا).
2- ضعف الذاكرة:
وقد يصل إلى فقدانها ويكون إما للأحداث القريبة فقط أو للأحداث القريبة والبعيدة على حد سواء، أو قد يكون في فجوات بمعنى أن المريض يستطيع أن يتذكرها قبل فجوة النسيان وما بعدها بسهولة وقد يكون اضطراب الذاكرة نعيا ومن صور ذلك:
1- التزييف:
وهو إضافة تفاصيل كاذبة لذكريات حدثت فعلاً، ويلاحظ في الهستيريا وفي الهذاء (البارانويا)، وفي الفصام الهذائي:
2- التأليف (الفبركة):
وهو اختلاق أحداث لم تحدث إطلاقا على أنها وقعت فعلاً، وهو عبارة عن تأليف للذكريات، وحشو لما هناك من ثغرات يملؤها المريض باختلافات يحشو بها فجوات ذاكرته، سببها النسيان الذي عفى على الحقائق، والأحداث التي يتكلم عنها المريض عادة هي أحداث لم تحصل له قط، ولم يكن قد مر بها، ولكنه مع ذلك يؤكد جازماً أنه خبرها في حياته.
ويلاحظ في الهستيريا وفي ذهان الشيخوخة وفي بعض الأمراض النفسية الجسمية وفي حالات تلف المخ وفي إدمان الخمر.
3- ظاهرة الألفة:
وفيها يخيل للفرد أن الغرباء مألوفون لديه وكأنه رآهم من قبل أو أن الأصوات مألوفة لديه وسبق أن سمعها، بينما هو في الحقيقة لم يسبق له ذلك مطلقا وتشمل الألفة؛ ألفة المنظر، وألفة الصوت، وألفة الفكرة، وألفة الحكاية أو الرواية.
- اضطراب العاطفة (Affective Disorders):
يتخذ اضطراب العاطفة في المسنين شكل الاكتئاب على الأغلب، وتكون العوامل المرسبة له في العادة هي التقاعد، والإحالة إلى المعاش، والوحدة، والاضطرابات العضوية، ويصاحب الاكتئاب قلق، وعدم استقرار، وربما ضلالات انعدامية، وضلالات اتهام للذات ، والشعور بالذنب ، وضلالات حشوية.
وتضطرب العاطفة من حيث النوع في أحد الصور التالية:
1- التباين:
وهو عدم توافق العاطفة مع التفكير فيسير كل في واد.2- السيولة:
وهنا تكون العاطفة غير ثابتة، فتتغير من النقيض إلى النقيض في زمن قصير3- التناقض:
وهنا يوجد الشعور ونقيضه في نفس الوقت دون أن يستطيع المريض التخلص من أيهما؛ كان يحب الطفل والده ويكرهه في نفس الوقت وقد يكون الاضطراب كمياً، ومن صوره:
1- فقدان الشعور:
حيث يفقد المريض القدرة على الإحساس بالعاطفة وعلى التعبير عنها2- اللامبالاة:
وهنا يفقد المريض القدرة على التعبير عن العاطفة دون الإحساس بها، فالمريض لا يبالي بالمشاعر ولا بالمواقف الانفعالية ولا بالتعبير الانفعالي، ويشاهد في الاكتئاب المريض من " انتزاع الأفكار " من رأسه أو " إقحام الأفكار " عليها دون إرادة منه، وقد يكون اضطراب الفكر نوعاً خاصاً، ومثال ذلك:
1 – الانشغال (وهنا يدور التفكير حول فكرة تشغله وتغطي على سائر الموضوعات الأخرى).
2 - الوسوسة (وهنا يضطر المريض إلى التفكير في موضوع بذاته رغم عدم أهميته وربما شذوذه، ولكنه لا يستطيع مقاومة ذلك أبداً، وقد يصحب هذا سلوك اضطراري يكون نتيجة للوسوسة.
وتتفاوت الوسوسة في محتواها، فهي قد تكون مقترنة بذكريات تافهة، أو لعلها تكون مرتبطة بأعمال قهرية، وغالبا ما تقترن بمخاوف تسلطية، خالية من المعنى تماماً، بل لعلها تكون مثيرة للضحك.
ويمكن أن نذكر في هذا السياق حالة امرأة مريضة مثلاً، كانت قد تعرضت لصدمة عقلية، فبقيت تعاني من وسواس الخوف من العدوى، من أي شيء؛ أي لبثت تكابد من وسواس العدوى التي تخشى أن تداهمها في أية لحظة، لذلك طفقت تتحاشی ملامسة أي شيء خشية العدوى وخوفا منها.
3 – قد يكون محتوى التفكير خاليا متحيزا يصطبغ بالعاطفة كما قد يكون شبه فلسفي مغرقا في السفسطة السطحية الغامضة.
4 – تناقض الأفكار (فتوجد فكرتين متضاربتين في نفس الوقت، لا يستطيع المريض التخلص من أحداهم).
5 – الضلالات (هو اعتقاد وهمي خاطئ لا يتفق مع الواقع، ولا يمكن تصحيحه بالحجة الصادقة والمنطق السليم ولا يتناسب مع تعليم المريض وبيئته).
وقد يكون للضلال " أوليا " يظهر لأول وهلة دون سابق إنذار، وقد يكون تفسيرا لضلال آخر أو عرض آخر، ويسمى هذا " ضلالا ثانوياً، وقد تكون الضلالات مرتبة منسقة أو مشوشة غير منتظمة، ومن أنواع الضلال ما يلي:
1 - ضلال الإشارة أو التلميح (حيث يعتقد المريض أن الناس تضطهده وتدبر له المكائد، ويقتنع بأن كل حركة تصدر ممن حوله أو النشرات الإخبارية أو الإعلانات السينمائية أو الإذاعات الموجهة إنما تصدر للإشارة والتلميح إلى تصرفاته، مما يجعله إما في حالة احتكاك مستمر مع المجتمع أو انطواء وانعزال عن الناس) .
2 - ضلال العظمة (حيث يعتقد المريض أنه رجل عظيم، زعيم، أو نبي أو ... أو حتى الإله نفسه).
3- ضلال الإثم واتهام الذات (وفيه يعتقد المريض أنه مذنب وأنه يستحق أقصى العقوبات).
4 - ضلال تغير الكون (حيث يعتقد المريض أن الكون تغير عن ذي قبل، وضلال تغير الشخص " يعتقد فيه المريض أنه تغير تماما أو حتى أنه أصبح شخصا آخر).
5 - ضلال الأهمية أو المعرفة (حيث يعتري المريض اقتناع كامل بأنه على معرفة واتصال بأهل المريخ أو القمر مثلاً، أو أنه على علم بكل ما يحدث في أعماق النفس البشرية دون دراسة أو دراية بأي علوم، أو أنه له قدرة للكشف عن الغيب ... وهكذا)
6- الضلال الحشوي الجسمي (وهنا يعتقد المريض أنه مصاب بمرض حشوي أو جسمي دون وجود ذلك المرض فعلاً).
7 – ضلال الانعدام (وفيه يعتقد المريض بانعدام الكون أو الأشياء أو نفسه أو بعض أجزاء جسمه أو أحشائه ... أي أنه يعتقد أنها غير موجودة.
8 – ضلال التأثير (حيث يشعر المريض أنه تحت تأثير قوى داخلية أو خارجية ويصبح أسير هذه الأفكار التي تختلف حسب ثقافته – السحر مثلاً).
- اضطراب الحركة (movement disorder):
يختلف النشاط الحركي للإنسان بتغير حالته الانفعالية، فإننا قد نرى الشخص السعيد المرح كثير الحركة والكلام، كما قد نرى الشخص الحزين بطيء الحركة وهكذا، وفي المرض تختلف الحركة كذلك من حيث الكمية والنوع، فمن حيث الكمية قد تكون الحركة قليلة (في الاكتئاب مثلاً) أو كثيرة (في الهوس)، ومن حيث النوع قد تتصف الحركة بطابع خاص يحتاج إلى توضيح وإفاضة نوردها فيما يلي:
- أن الحركة قد تتصف بالتكرار:
كما يبدو في الصور التالية:
- الأسلوبية (وهي حركة أو مجموعة حركات غريبة يعيدها المريض باستمرار بطريقة متواترة، وذلك مثل عمل حركة تعبيرية معينة بواسطة عضلات الوجه كرفع الحاجبين مثلاً، يكرر هذه الحركة بطريقة مستمرة، أو مثل لف اليدين على بعضهما وكأنه يغسلهما دون توقف ... إلخ.
وقد تظهر الأسلوبية في الكلام، فيكرر المريض بعض الكلمات بطريقة مستمرة دون يقصد معناها ولا يفوتنا أن نذكر في هذا المقام أن الكلام تفكير ثم تنفيذ حركي لهذا التفكير باستخدام حركة أعضاء الكلام كالشفتين واللسان ... إلخ
على أن الأسلوبية تتم عادة من وراء وعي المريض، بحيث إذا سئل عما يفعل لدهش أو أنكر أو لم يجد تفسيراً، هذا إذا أجاب.
- الانثنائية الشمعية:
في هذه الحالة يكون التكرار هو تكرار الوضع، أي ثباته واستمراره، فيمكن الفاحص أن يضع أحد أطراف المريض أو حتى جدعه أو رقبته في أي وضع ثم يتركه.
فنجد أن المريض يستمر على هذا الوضع لمدة طويلة تفوق المدة التي يمكن الشخص العادي أن يتحملها بكثير، وذلك لأن خاصية التعب العضلي الفسيولوجي تضطر الشخص العادي إلى أن يغير من الوضع الثابت المتعب إلى وضع مريح، بينما هذا الإدراك في هذا المريض.
وتسمى هذه الظاهرة " بالإنثنائية الشمعية " لأن الأطراف تنثني معنا كيف شئنا وكأنها مصنوعة من الشمع، إذ يمكن تشكيلها ووضعها في أي صورة.
- اللوازم:
وهي حركة بسيطة متكررة، تدل على عادة متأصلة، يصعب التخلص منها، ومثال ذلك قفل الجفنين وفتحهما (البربشة)، أو رفع الحاجب أو تحريك الفم بطريقة معينة أو هز الأكتاف أو حركة الوجه أو الغمز باستمرار أو مص الأصابع أو قضم الأظافر).. إلخ، ويحدث هذا أحيانا للأشخاص الأسوياء كما يحدث عند المصابين بالعصاب.
- وقد تتصف الحركة بالاستهواء (أي قابلية المريض لمحاكاة الغير دون تفكير أو اقتناع) ومن صور الاستهواء:
1- الطاعة الآلية:
(وهي أن يستجيب المريض آليا لأية أوامر تلقى إليه دون تفكير أو تبصر حتى ولو كانت هذه الأوامر شاذة أو ضارة، فلا يستطيع مثلا أن يمتنع عن إخراج لسانه إذا ما طلب منه ذلك حتى لو هددناه أننا سوف ندخل إبرة في لسانه إذا ما أخرجه.
2- رجع الكلام:
(هي أن يقلد المريض حركات الشخص الذي يتحرك أمامه حرفيا، فإذا رفع يده رفع المريض يده كذلك، وإذا أخرج لسانه قلده المريض تقليدا أعمى.. وهكذا، أما رجع الكلام فهو أن يعيد المري ض الكلمات، وكل من المحاركة (رجع الحركة) والمصاداة (رجع الكلام) تتمان بطريقة آلية، وهما صورة من صور الطاعة الآلية.
(ونود أن نشير إلى أن رجع الكلام ما هو إلا نوع خاص لرجع الحركة، فليس الكلام إلا نشاط حركي صوتي).
3- الخلف:
(وهو أن يستجيب المريض لأي أمر يلقى إليه، استجابة عكسية، فإذا طلبنا منه رفع يده خفضها، وإذا طلبنا منه الالتفات إلى اليمين التفت إلى الشمال وهكذا.
4- (المقاومة):
نوع من الخلف، وفيها لا يقوم المريض بالفعل الذي يطلب منه، ولا يقوم بالفعل العكسي، ولكنه يقاوم الأمر ولا يأتيه، ويتضح أنه يرفض الطاعة لأي أمر، فإذا طلبنا مثلا من المريض الدخول إلى الحجرة وهو عند الباب فإنه يظل واقفا عند الباب لا يدخل ولا يخرج، ونلاحظ أن الخلف والمقاومة هما عكس الطاعة الآلية على طول الخط، لذلك تسمى الطاعة الآلية استهواء إيجابي"، أي الاستجابة إلى الأمر كما هو، كما يسمى الخلف والمقاومة " استهواء سلبي استهواء سلبي"، أي الاستجابة إلى الأمر بفعل عكسه أو عدم فعله إطلاقاً.
ونلاحظ أيضا أن " التصلب الشمعي " الذي هو تكرار لوضع معين ما هو إلا طاعة آلية حركية اتصفت بصفة التكرار
- وقد ينعدم الكلام نهائياُ، فيعجز المريض عن الكلام، أو حتى عن النطق بأي صوت، وتسمى هذه الحالة أحيانا " البكم ".
وقد يجيب المريض على كل الأسئلة بنفس الإجابة، فإذا سئل ما أسمك؟
قال: الحمد الله "، ثم سئل: أين أنت؟ قال:"الحمد الله ... ثم سئل: " في أي الأيام نحن؟ " أجاب الحمد الله، وهكذا ... وقد تشير هذه الظاهرة إلى الجمود أو رفض التواصل بالآخر أو الانغلاق على الداخل أو العناد... الخ .
ولذلك فإن اضطراب البصيرة يجعل العلاج صعبا، ويلاحظ اضطراب البصيرة في معظم أنواع الذهان.
ونلاحظ أيضا أن " التصلب الشمعي " الذي هو تكرار لوضع معين ما هو إلا طاعة آلية حركية اتصفت بصفة التكرار
- الذهول:
وهنا يبدو المريض وكأنه قد تجمد في موضعه، فلا تبدو منه أية حركة، ولا يظهر على ملامح وجهه أي تعبير، وإذا اشتدت الحال أصبح لا يستجيب للمؤثرات، حتى وإن كانت مؤلمة، وقد يتصف بأحد مظاهر الاستهواء مثل " الخلف " فيقاوم المريض أية محاولة لتغيير موضع أطرافه، ويسمى حينئذ " الذهول المخالف "، أو مثل الطاعة الآلية أو التصلب الشمعي .... إلخ
- اضطراب الكلام (speech disorder):
فهو من ناحية الشكل فإنه مظهر حركي يسري عليه كثير مما ذكر في التغيرات التي تطرأ على الحركة كالقلة والبطء والتوقف والمصاداة، وهو من ناحية الموضوع يدل على محتوى الفكر سواء كانت هذه المحتويات مضطربة أو سليمة.
فالكلام قد يختلف م حيث الكم، والسريان، ومدى تحقيقه لوظيفته الاجتماعية:
أـ من حيث الكم:
- قد يكون الكلام كثيرا بدون داع، فيتداعى بانطلاق وحتى بدون توجيه أسئلة، وتسمى هذه الظاهرة " الثرثرة "- وقد يقل الكلام إلى درجة كبيرة، فيظهر في صورة إجابات مقتضبة للأسئلة، وفي هذه الحالة عادة لا يتكلم المريض ابتداء وإنما يتحدث ردا على سؤال.
- وقد ينعدم الكلام نهائياُ، فيعجز المريض عن الكلام، أو حتى عن النطق بأي صوت، وتسمى هذه الحالة أحيانا " البكم ".
ب- من حيث سريان الكلام:
(قد يطرأ عليه ما يلي من تغيرات في السرعة أو في الاتجاه).
- قد يكون سريان الكلام بطيئا كما في حالات الاكتئاب.
- وقد يكون سريعًا متصلا كما في حالات الهوس الخفيف.
- وقد يتوقف سريانه فجأة ، وبدون سبب ، ويسمى ذلك " العرقلة ".
- وقد يتخذ مجرى الكلام طرقاً جانبية، فيتطرق الحديث إلى تفاصيل لا داعي لها، ولكنه يصل إلى غرضه في النهاية، وتسمى هذه الظاهرة " التفصيل "، ومثال ذلك ما نراه في الذين نطلق عليهم لفظ " الرغاي " كالذي يحكي حادثة ذهابه إلى الكازينو، ولبست البدلة الزرقة اللي اشتريتها من محل (تاي شو " في شارع طارق بن زياد، أمام ملعب فلسطين، بجوار نقابة الصيادلة، في حي الرمال بغزة، وبعدين لبست عليها الكرافتة الحمراء( وفيه ناس بيقولوا أن الأحمر على الأزرق ما بينفعش، لكن أنا رأيي أن الأحمر النبيتي يليق على الأزرق، لكن الأحمر الطرابيشي لا، وبعدين ....) ويستمر في وصف تفاصيل سيره في الشارع وأي سيارة ركب، وأي شخص قابل، وهكذا ولكنه في النهاية يذكر أنه وصل إلى الكازينو، وبذلك يفي القصد الذي قصد إليه في أول الكلام.
- قد يكون سريان الكلام بطيئا كما في حالات الاكتئاب.
- وقد يكون سريعًا متصلا كما في حالات الهوس الخفيف.
- وقد يتوقف سريانه فجأة ، وبدون سبب ، ويسمى ذلك " العرقلة ".
- وقد يتخذ مجرى الكلام طرقاً جانبية، فيتطرق الحديث إلى تفاصيل لا داعي لها، ولكنه يصل إلى غرضه في النهاية، وتسمى هذه الظاهرة " التفصيل "، ومثال ذلك ما نراه في الذين نطلق عليهم لفظ " الرغاي " كالذي يحكي حادثة ذهابه إلى الكازينو، ولبست البدلة الزرقة اللي اشتريتها من محل (تاي شو " في شارع طارق بن زياد، أمام ملعب فلسطين، بجوار نقابة الصيادلة، في حي الرمال بغزة، وبعدين لبست عليها الكرافتة الحمراء( وفيه ناس بيقولوا أن الأحمر على الأزرق ما بينفعش، لكن أنا رأيي أن الأحمر النبيتي يليق على الأزرق، لكن الأحمر الطرابيشي لا، وبعدين ....) ويستمر في وصف تفاصيل سيره في الشارع وأي سيارة ركب، وأي شخص قابل، وهكذا ولكنه في النهاية يذكر أنه وصل إلى الكازينو، وبذلك يفي القصد الذي قصد إليه في أول الكلام.
وقد يغير المريض مجرى كلامه نهائياً، وذلك استجابة لمؤثر داخلي أو خارجي، مثل كلمة عابرة وردت أثناء الكلام، وهو عادة لا يصل إلى غايته أبداً، ويحدث هذا في ظاهرة طيران الأفكار "، ويحدث هذا عادة في الهوس، ومثال ذلك أن الذي أخذ يحكي حادثة ذهابه إلى الكازينو قد تنحرف حكايته بعد كلمة " الطرابيشي ". إلى سبيل آخر تماماً، فيقول " وحتى الطرابيشي راحت عليها، أي في أحد عاد بيلبيس طربوش في هذه الأيام. أنا شخصيا ما بعرف أحد بيلبس طربوش إلا خالي، وهو قاعد في بيته واسمه زكي أفندي، مع أنه لا أفندي ولا حاجة، بس علشان لابس طربوش بنقول عنه أفندي ويستمر هكذا لكنه لا يصل أبدا إلى إكمال حديثه الذي بدأه وهو أنه ذهب أمس إلى الكازينو.
ج – قد يتصف الكلام بالتكرار:
ومن أمثله ذلك ما ذكرنا من قبل ونحن نتكلم عن الحركة، حيث أن الكلام حركة صوتية، وأهم تلك الأمثلة:
1 – الأسلوبية:
(وهي تكرار لكلمات معينة لا يظهر القصد منها واضحا فنرى مريضاً يكرر ليل نهار عبارة مثل " الإشارة إما حمراء أو خضراء ... الإشارة إما حمراء أو خضراء... وهكذا، وقد يرمز هذا إلى معنى خفي يدل على صعوبة اختيار الحلول الوسطى التي تعتبر أقرب إلى الواقع، ولكن ذلك المعنى قد لا يبدو للفاحص من أول وهلة.
وقد يجيب المريض على كل الأسئلة بنفس الإجابة، فإذا سئل ما أسمك؟
قال: الحمد الله "، ثم سئل: أين أنت؟ قال:"الحمد الله ... ثم سئل: " في أي الأيام نحن؟ " أجاب الحمد الله، وهكذا ... وقد تشير هذه الظاهرة إلى الجمود أو رفض التواصل بالآخر أو الانغلاق على الداخل أو العناد... الخ .
2 – المصاداة (رجع الكلام):
وقد ذكرنا أنها تكرار الكلام الذي يسمعه المريض أو تكرار أواخره، ومثال ذلك أنك إذا سألت مريضا ما: ما اسمك؟ .. قال ما اسمك ؟ وإذا سألته: أنت فين؟ قال ... أنت فين؟ فإذا قلت له: لا تكرر ما يقال ... فإنه قد يرد: يقال ... يقال ... وكأنه صدى لما يسمع.
د- قد لا يؤدي الكلام وظيفته الاجتماعية:
فلا يفي بالغرض منه وهو التفاهم، وقد يكون السبب في هذا عدم القدرة على تكوين الجملة المفيدة ويكون هذا دليلا على اضطراب في القدرات العقلية أو في التفكير، وقد يصل الأمر إلى التعبير بلغة جديدة لا يعرفها إلا المريض، حتى أن العامة يطلقون على مثل هذه الظاهرة " بيرطن بالسرياني وتصيب هذه الظاهرة المرضى العقليين، وتسمى هذه الظاهرة " اللغة الجديدة ".
وهذا وقد يكون اختلال وظيفة الكلام نتيجة لصعوبة في التعبير ذاته، أي صعوبة في النطق مثل حالات التهتهة، وهي حركة كلامية يصعب إيقافها، كأن يقول " أسمي أنو أنو أنو .... أنور "، أو العقلة، وهي وقفة كلامية يصعب تحريكها، كأن يقول " هـ هـ مش قادر أنطق وقد يكون محتوى الكلام مضطرباً، وفي هذه الحالة تكون دلالة اضطرابه هي اضطراب التفكير.
- اضطراب البصيرة (Vision Disorder):
البصيرة الكاملة هي أن يدرك المريض طبيعة مرضه ويذهب إلى الطبيب المختص ويتقبل العلاج ويستمر فيه، ووجود البصيرة دليل طيب على احتمال الشفاء، وفي حالة اضطراب البصيرة لا يستطيع المريض فهم نفسه داخلياً، وخاصة فيما يتعلق بمرضه ومشكلاته الاجتماعية ومسئولياته ... الخ، ولا يدرك المريض طبيعة مرضه ولا يفهم أسبابه ولا أعراضه، ومن ثم لا يسعى لاستشارة المختصين ولا يبحث عن العلاج ولا يتقبل العلاج ولا يستمر فيه.
ولذلك فإن اضطراب البصيرة يجعل العلاج صعبا، ويلاحظ اضطراب البصيرة في معظم أنواع الذهان.
End of Topic
(إيجاد)
(اطّلِع، تعرف، تعلم، درب عقلك، طور من نفسك، زِد معرفتك، كُن على معرفة، فالمعرفة بين يديك)
أهلاً ومرحباً بكم في | إيجاد | تسعدنا آرائكم ومشاركتكم معنا دائماً، فتشاركونا بآرائكم وتعليقاتكم التي تدفعنا إلى مزيداً من العطاء وإيجاد المعرفة