إعلان الرئيسية

الذاكرة والنسيان

الذاكرة (Memory):


- تعريف الذاكرة:


الذاكرة هي احدى قدرات الدماغ البشري التي تمكنه من الترميز والتخزين والاحتفاظ ومن ثم استرداد المعلومات والخبرات السابقة، ويمكن اعتبارها بالمصطلح العام على انها استخدام الخبرات السابقة للتأثير على السلوك الحالي.

وهي مجموع ما نتذكر، حيث انها تمنحنا القدرة على التعلم من الخبرات السابقة لبناء العلاقات، والقدرة على تذكر الخبرات الماضية وعملية استدعاء الحقائق والتجارب والانطباعات والمهارات والعادات السابقة للعقل، فهي مخزن للأشياء المتعلمة والمحتفظ بها من نشاطاتنا وخبراتنا، كما يتضح ذلك من تعديل هيئة او سلوك او عن طريق التذكر والاعتراف.

- الذاكرة من الناحية الفسيولوجية والعصبية:


تعرف " الذكرة " في أبسط صورها على انها مجموعة من الوصلات العصبية المشفرة في الدماغ، بحيث يتم إعادة خلق او بناء الخبرات الماضية بإطلاق متزامن للخلايا العصبية التي شاركت في التجارب الأصلية، وحسبما نرى فإنه بسبب الطريقة التي يتم بها ترميز الذاكرة فإنها تخزن منفصلة كلياً، فربما كان من الأفضل التفكير بطريقة تخزينها كنوع من الملصقات او الألغاز عوضاً عن التخزين بالطريقة التقليدية كمجموعة من التسجيلات او الصور ومقاطع الفيديو.

إن ذكرياتنا لا تخزن في ادمغتنا كما تخزن الكتب على رفوف المكتبة، لكنها في الحقيقة ملازمة لعناصر البناء المبعثرة في كافة مناطق ادمغتنا.

- الذاكرة والتعلم:


الذاكرة تختلف عن التعلم، وهو العملية التي نكتسب منها معرفة العالم، على سبيل المثال، عندما نتعلم لغة جديدة يتم ذلك من خلال دراستها، أما عندما نتحدث بها فإننا نستعمل ذاكرتنا لنستعيد الكلمات التي تعلمناها.

وعليه فإن الذاكرة تعتمد على التعلم لأنه يتيح لنا تخزين واسترجاع المعلومات المستفادة، ولكن التعليم أيضاً يعتمد إلى حد ما على الذاكرة حيث ان المعرفة المخزنة في ذاكرتنا مزودة بإطار يربط المعرفة الجديدة بواسطة المشاركة والاستدلال.

- أنواع الذاكرة:


يوجد نوعان أساسيان من الذاكرة، الذاكرة قصيرة الأمد والذاكرة طويلة الأمد، إلا أن الذاكرة قصيرة الأمد صارت أقرب فهماً ويطلق عليها علماء النفس الإدراكي مصطلح الذاكرة العاملة.

- الذاكرة العاملة:


بالرغم من الاعتقاد السائد ان الذاكرة قصيرة الأمد فقط، تعرف بوضوح أكبر بأنها قدرة الشخص على تذكر المعلومات في مواجهة المشتتات، القدرة الشهيرة للذاكرة بإمكان تذكر رقم سبعة السحري، بجمع أو طرح اثنين كمدى، هي مزيج بين الذاكرة العاملة والذاكرة طويلة الأمد.

أجرى إبنجهاوس Ebbinghaus إحدى التجارب الكلاسيكية في هذا الصدد، حيث وجد ان المعلومات الموجودة في اسفل القائمة وأولها تُسترجع بصورة افضل من تلك الموجودة في المركز، وهو ما سماه تأثير الموقع التسلسلي serial position effect هذه الأولية والآخرية تختلف في القوة حسب طول القائمة المقدمة.

يمكن أن يوزع المنحنى النموذجي لها على شكل حرف U بواسطة كلمة مستوية على الانتباه، وهذا يُعرف بتأثير فون ريستورف Von Restorff effect

صُنعت العديد من نماذج الذاكرة العاملة، وواحدة من اكثرهم اعتباراً هي التي أجراها بادلي وهيتش Baddeley and Hitch إنها تأخذ في الاعتبار المحفزات البصرية والسمعية وتستعملها كمرجع، ومعالج مركزي لمزجها وفهمها.

ويتعلق جزي كبير من الذاكرة بالنسيان، وتقوم المناظرات بشأن هذه الجزئية بين نظرية الاضمحلال decay theory ونظرية التدخل interference theory

- الذاكرة طويلة الأمد:


تقوم الدراسات الحديثة عن الذاكرة على الذاكرة طويلة الأمد، وتقسمها إلى ثلاث فئات ذات طبيعة تراتبية، بالنظر إلى مستوى الوعي بالفكرة المتعلقة بالاستخدام.

- الذاكرة الإجرائية:


وهي الذاكرة المتعلقة بأداء أنواع معينة من الأفعال، انها تعمل عادة على مستوى تحت شعوري، او تحتاج كمية قليلة للغاية من المجهود الواعي، تتضمن تلك الذاكرة معلومات الاستجابة للمحفزات والتي تعمل بالترابط مع مهمات معينة، يستعمل الشخص الذاكرة الإجرائية عندما يستجيب آلياً لمؤثر ما أو لممارسة معينة، مثل قيادة السيارة.

- الذاكرة الدلالية:


هي المعلومات الموسوعية التي يمتلكها الشخص، كتلك المعلومات التي يعرفها عن برج إيفل وشكله أو اسم صديقه في السنة السادسة، ويتراوح مجهود الاتصال بالذاكرة الدلالية بين القليل وشديد الإجهاد، اعتماداً على عدد من المتغيرات، منها وليس كلها، حداثة تخزين المعلومات أو عدد الروابط بينها وبين المعلومات الأخرى او معدل استرجاعها او مستويات المعنى (عمق معالجة المعلومة اثناء تخزينها).

- الذاكرة العرضية:


هي المعلومات حول الأحداث الذاتية التي يمكن التصريح بها، انها تحتوي على ذكريات زمنية مثل توقيت آخر مرة غسل الشخص فيها اسنانه، وتتطلب تلك الذاكرة أعمق مستوى من التفكير الواعي وهي غالباً ما تستدعي الذاكرة الدلالية والزمنية لتكوين الذاكرة كاملة.

- أطوار الذاكرة ومراحلها:


يمر أي نشاط تقوم به الذاكرة في ثلاث مراحل رئيسية، هي:

1- مرحلة التعلم:


تتضمن هذه المرحلة عملية فهم الموقف، وتحليله، وإدراكه، ثم تشربه والتشبع في فهمه واستيعابه، ويتم تخزينه كنتيجة لعملية الإدراك.

2- مرحلة تخزين المعلومات:


وهي المدى الزمني الذي من الممكن للفرد ان يحتفظ به بالخبرات والمواقف، والمثيرات المختلفة خلال فترة زمنية قصيرة، وذلك ضمن الذاكرة قصيرة المدى، او استيفاء الخبرات لشروط انتقالها، وارتقائها للذاكرة طويلة المدى ضمن فترة زمنية طويلة.

3- مرحلة الاستخدام الفعلي للذاكرة:


وهي عملية التذكر بحد ذاتها، من خلال العمليات المعرفية التذكرية، كالتعرف والاسترجاع، أيّ توظيف الخبرات السابقة في استعادة المعلومات المطلوبة على هيئة مخرجات لفظية، أو حركية، أو بصرية.

ويرى البعض ان مراحل الذاكرة تنقسم إلى:

- مرحلة الذاكرة الحسية:


الذي يستلم ما التقطته الحواس من معطيات، ويحتفظ بها لثواني معدودة، وهي مرحلة حرجة تستلزم التركيز على عدم التفريط في الانتباه، إذ أن غياب الانتباه يؤدي إلى ضياع العديد من المعطيات.

أي تقوم مستقبلاتنا الحسية بتلقي الكثير من المعلومات من البيئة الخارجية وتخزينها في السجل الحسي لفترة وجيزة، ولكن القليل من هذه المعلومات يحظى بالانتباه والاهتمام ثم ينتقل إلى المرحلة التالية ويتلقى المعالجة (سميث وراغن – 2012)

ويصعب في الذاكرة الحسية تفسير جميع المدخلات الحسية واستخلاص أية معاني منها للأسباب التالية:

1- عدم القدرة على الانتباه الى جميع المدخلات الحسية معاً نظراً لكثرتها وزمن بقائها في الذاكرة.

2- قد يبدو الكثير من المدخلات الحسية غير مهم بالنسبة للفرد، الأمر الذي يدفعه للتجاهل وعدم الانتباه.

3- بعض المدخلات الحسية قد تبدو غامضة أو غير واضحة، ولذلك سرعان ما تتلاشى

- مرحلة الذاكرة قصيرة المدى Short-term Memory (STM):


خلالها تتم عملية المعالجة، ويطلق عليها أيضاً " الذاكرة الفاعلة "، وتعد هذه الذاكرة المحطة الثانية للمعلومات بعد المسجلات الحسية فهي تشكل مستودعاً مؤقتاً للتخزين يتم فيه الاحتفاظ بالمعلومات لفترة لا تتجاوز 30 ثانية، وهي تستقبل المعلومات التي يتم الانتباه اليها فقط، والمعلومات المراد تذكرها ومعالجتها من الذاكرة طويلة المدى. (الزغول – 2010).

- خصائص الذاكرة قصيرة المدى Short-term Memory (STM):


1- تستقبل المعلومات التي يتم الانتباه اليها فقط.

2- قدرتها الاستيعابية محدودة جداً.

3- تستطيع الاحتفاظ بالمعلومات لفترة زمنية وجيزة.

4- تشكل حلقة وصل بين الذاكرة الرئيسية والذاكرة طويلة المدى.

- مرحلة الذاكرة طويلة المدى long-term Memory (LTM):


وتمثل مخزناً دائماً للمعلومات والأفكار، لكن ليس من السهل استرجاع المعطيات لدى العديد من الناس، لذلك وجب ربط المعطيات دوماً بمخططات تساعد على الاسترجاع، وفيها تستقر المعلومات والخبرات والمعارف بصورتها النهائية، حيث يتم فيها تخزين المعلومات بشكل تمثيلات ذهنية بصورة دائمة، وذلك بعد ترميزها ومعالجتها في الذاكرة العاملة وتمتاز بأن سمعتها التخزينية هائلة. (الزغول – 2010).

- النسيان:


يعرف النسيان على انه انعدام القدرة على استرجاع ذكريات من الماضي أو عدم تذكر معلومات جديدة، وأحداث تحصل في الوقت الحاضر أو كليهما، وهذا النسيان قد يكون مؤقتاً، وقد يبقى بل من الممكن ان يزداد سوءاً مع الزمن، والذي من الممكن ان يحدث لأن المعلومات ببساطة لم تعد موجودة في الذاكرة، أو انها لا زالت موجودة ومخزنة، لكن لسبب ما لم يعد بالاستطاعة استرجاعها، وهو العملية العكسية لعملية التذكر والاستدعاء، وتتمثل في الفقدان الكلي أو الجزئي، الدائم أو المؤقت لبعض الخبرات.

ويقاس النسيان بدلالة الفرق بين ما يتم اكتسابه وبين ما يتم تذكره، وذلك كما هو موضح بالمعادلة التالية: (النسيان = مقدار التعلم – كمية التذكر).

ويرى العديد من الباحثين ان الخبرات التي يمر بها الفرد اثناء تفاعلاته المستمرة تبقى آثارها موجودة في الذاكرة، ولكن تكمن صعوبة تذكرها في مجموعة عوامل مثل:

سوء الأثارة لعدم وجود المنبه المناسب التي يساعد على التذكر، او بسبب عدم وجود الدافعية للتذكر، او بسبب عوامل التداخل والازاحة التي تحدث لبعض المعلومات، او لأسباب ترتبط بإعادة تنظيم محتوى الذاكرة، او لأسباب ترجع لعوامل ترتبط بظروف عمليات الاكتساب والتركيز (Guenther, 1998).

وقد يحدث مع الانسان بشكل متكرر في حياته قد يكون طبيعياً مع التقدم في العمر، وقد يُعد مؤشراً على مشاكل صحية تستدعي تدخلاً طبياً، كما أنّ مشاكل الذاكرة الصحية قد ترتبط بالخرف، ففي أحيان كثيرة يكون النسيان الذي يؤدي لتعطيل وظائف الإنسان اليومية وقدراته المهنية والاجتماعية أحد المؤشرات الأولى للتعرف عليه وتشخيصه، على خلاف النسيان الطبيعي والمتعلق بالتقدم بالعمر الذي لا يعطل الوظائف اليومية للإنسان.

- النسيان كمشكلة تستدعي التدخل الطبي:


- أمثلة على المؤشرات الدالة على ضرورة استدعاء تدخل طبي لتأثيرها على وظائف الإنسان اليومية والحياتية:


1) تكرار السؤال ذاته مرات عدة، وعدم القدرة على تذكر كلمات شائعة أثناء الحديث.

2) نسيان طريق معروف كطريق المنزل مثلاً أو حتى نسيان كيفية قيادة السيارة.

3) نسيان أمور حدثت في اليوم السابق مثلاً، حتى مع إعطاء تلميحات مساعدة على التذكر.

4) نسيان أسماء الأشياء وأماكن وضعها وكيفية استخدامها.

- خطوات لتحسين الذاكرة:


من الخطوات والأنشطة التي قد تظهر فاعليتها في تحسين ذاكرة الإنسان وعملها:

1) الإبقاء على النشاط الذهني مثل تعلم أشياء جديدة، كتعلم العزف على آلة موسيقية أو ممارسة الألعاب الذهنية.

2) الإبقاء على النشاط الاجتماعي وزيادة التفاعلات الاجتماعية كالالتقاء بالأصدقاء والعائلة من وقت لآخر باستمرار.

3) يُعد التنظيم أحد أبرز الأنشطة المحفزة للذاكرة، كتنظيم الوقت ولوائح المهام والأدوات، حيث ان الأمور والأدوات المتناثرة وغير المنظمة قد تحفز الإنسان على النسيان.

4) النوم الكافي، حيث أن الفرد البالغ يحتاج في الغالب لـ 7 – 8 ساعات من النوم العميق.

5) اعتماد نظام غذائي متوازن يحتوي على العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم.

6) المواظبة على الأنشطة البدنية والرياضية والالتزام بتعاليم الطبيب المتعلقة بعلاج الأمراض للحفاظ على صحة الجسم، بالتالي صحة الدماغ وتحسين الذاكرة.
 


End of Topic




(إيجاد)

(اطّلِع، تعرف، تعلم، درب عقلك، طور من نفسك، زِد معرفتك، كُن على معرفة، فالمعرفة بين يديك)


ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

أهلاً ومرحباً بكم في | إيجاد | تسعدنا آرائكم ومشاركتكم معنا دائماً، فتشاركونا بآرائكم وتعليقاتكم التي تدفعنا إلى مزيداً من العطاء وإيجاد المعرفة