الرقابة
مفهوم الرقابة:
تعد الرقابة في علم الإدارة العامة ضرورة حتمية، فالمنظمة الإدارية تتكون من عناصر بشرية هي عرضة للقصور أو الانحراف مما يتوجب الإشراف على رجال الإدارة ورقابتهم.
وبالتالي الرقابة من الناحية الإدارية يقصد بها تقدير إنجازات العاملين لبيان مدى تحقق الأهداف وأسباب النجاح أو الفشل المتصلة بها تمهيداً للتعامل معها بما يصلح من شأنها.
والرقابة تنصب أصلاً على الأعمال ولا تكون متصلة بالأشخاص بصفة تبعية لأعمالهم ولاحقة لعملية الرقابة.
أهداف الرقابة:
لا تقتصر أهداف الرقابة في كشف الأخطاء تمهيداً لمعاقبة المسئولين عنها، فالرقابة تهدف إلى رفع الكفاءة الإدارية وتحقيق الصالح العام عن طريق العديد من المحاور
أهمية الرقابة:
تزداد أهمية الرقابة في المجال الإداري نظراً لاتساع نشاطات الدولة وتحولها من طابع الدولة الحارسة إلى طابع الدولة المتداخلة.
كذلك نظراً لما تتمتع به حق الإدارة من سلطات غير مألوفة وامتيازات استثنائية يمكن بها ان تستبد وتعصف بحقوق الأفراد وحرياتهم فلابد من وجود رقابة فعالة خاصة لانتشار الأفكار الحرة التي ترى المساواة بين الفرد والدولة.
بالإضافة أن الرقابة على الإدارة هامة للتعرف على مدى تحقق الأهداف المحددة والتحقق من وجود الأداء وفعالية النشاط الإداري.
- أنواع الرقابة:
تتعدد أنواع الرقابة وتنقسم إلى:
1) الرقابة السياسية
2) الرقابة القضائية
3) الرقابة الذاتية أو الإدارية
مع ملاحظة أن هذه الأنواع تعمل بشكل متناغم بحيث لا يتم استبعاد احداها لحساب أخر وإنما تكمل بعضها البعض.
(1) الرقابة السياسية:
يقصد بذلك النوع من الرقابة ما يمارسه البرلمان والتنظيمات السياسية، ويلاحظ أن هذه الرقابة تتباين بحسب النظام السياسي في الدولة، فهي شديدة في النظام البرلماني الذي يقوم على الفصل بين السلطات فصل مرن أي تعاون وتبادل الرقابة بين السلطات.
وهي يسيرة في ظل النظام الرئاسي الذي يقوم على الفصل الشديد بين السلطات، فصل جامد أي ممارسة كل سلطة وظيفة معينة دون تداخل أو رقابة من السلطات الأخرى.
- فالنظام البرلماني قوامه المسئولية التضامنية للوزارة والمسئولية الفردية لكل وزير على حدة فيما يخص أعمال وزارته وتأخذ صور الرقابة السياسية العديد من الصور منها الأسئلة البرلمانية والاستجوابات ولجان تقصي الحقائق وطرح الثقة في الوزير أو الوزارة ككل.
وفيما يخص لجان تقصي الحقائق فأنها تقوم بعمل إجراء تحقيق برلماني لكن عملها يقتصر على أعمال السلطة التنفيذية ولا يتعداه إلى أعمال السلطة القضائية ذلك أن هذه السلطة مستقلة تماماً ولا يصح التدخل في شئونها.
وعمل اللجان هو عمل سياسي في المقام الأول وليس عملاً قضائياً.
- أما الرقابة السياسية في النظام الرئاسي نجد ان الفصل أثر بين السلطات إذا تمارس كل سلطة وظيفتها الدستورية دون تداخل أو رقابة من السلطات الأخرى.
والفصل يعد فصلاً نظرياً حيث أنه بالنظر إلى الواقع لا نجد ذلك الفصل الجامد، مثلا ذلك؛ ما هو مقرر في الدستور الأمريكي فيما يخص رقابة البرلمان على الحكومة حيث يشترك مجلس الشيوخ مع رئيس الجمهورية في تعيين كبار الموظفين والتصديق على المعاهدات.
علاوة على ذلك تعد اللجان البرلمانية التي يشكلها الكونجرس وغير المذكورة في الدستور خير دليل على ذلك الفصل المرن.
والخلاصة أن الرقابة البرلمانية في النظام الرئاسي تتحقق في حدود معينة، فالرقابة السياسية لا تمارس فقط عن طريق الأسئلة والاستجواب واقتراح سحب الثقة، بل تمارس كذلك في العلاقات اليومية بين البرلمان والحكومة بمناسبة مناقشة مشروعات القوانين واعتماد الميزانية
كذلك يلاحظ أنه إلى جانب رقابة البرلمان على أعمال الإدارة فلا شك أن الرقابة التي تمارس من التنظيمات السياسية الأخرى لها دور كبير كمثال المجالس الشعبية المحلية، كما هو الحال في مصر ومثال التنظيمات النقابية في الدول الاشتراكية.
(2) الرقابة القضائية:
يقصد بالرقابة القضائية رقابة تمارسها المحاكم على أعمال الإدارة باختلاف درجاتها وأنواعها وهي رقابة مشروعية تهدف لضمان احترام الإدارة للقانون.
صور الرقابة القضائية:
للرقابة القضائية عدة صور منها:
1) رقابة المشروعات (رقابة دعوى الإلغاء):
تخاصم دعوى الإلغاء القرار الإداري المخالف للقانون من خلال اختصام الطاعن للقرار للإدارة ذاتها وتكون الأحكام الصادرة في دعوى الإلغاء حجة على الكافة.
فالدعوى نزاع بين أطراف يفصل القاضي في ادعاءاتهم المختلفة، ولكن رقابة قاضي الإلغاء تهدف لحماية المشروعية وتحكمها اعتبارات المصلحة العامة.
ويلاحظ أنه نظراً لخطورة رقابة الإلغاء لا تكون المحاكم العادية مختصة بها، بل يختص بها القضاء الإداري وتعد هذه الدعوى طعناً متعلقاً بالنظام العام
2) رقابة فحص المشروعية:
هنا إذا دفع الخصم أثناء نظر الدعوى بعد مشروعية قرار إداري سواء فردي أو لائحة، فإذا كان القرار مخالف للقانون من وجهة نظر المحكمة فإنها تمتنع عن تطبيقه في الدعوى المنظورة ولكن لا تحكم بإلغائه ويبقى القرار قائم حتى تقوم جهة الإدارة بإلغائه، وتغير تلك الصورة في مناقشة القرار الإداري المحصن بعد فوات ميعاد الطعن بدعوى الإلغاء.
3) رقابة التعويض:
حين ينضر الفرد العادي من جهة الإدارة فيطالب بالتعويض عما أصابه من ضرر بفصل موظف ما داخل الإدارة أو لإخلال الإدارة بشرط عقدي مع طرف أخر كمنازعات العقود الإدارية.
4) رقابة القضاء الجنائي:
يراقب القضاء الجنائي نشاط جهة الإدارة بالأسلوب المباشر أو غير المباشر
- ومثال الأسلوب الأول لقيام بفحص شرعية لوائح مرفق الأمن (البوليس) في أي وقت غير التطبيق، فإذا رأت المحكمة عدم شرعية اللائحة امتنعت عن التطبيق دون التعرض لإلغائها.
- أما الأسلوب الثاني؛ وهو الأسلوب غير المباشر يكون عند الفصل في الجرائم الواقعة ضد الموظفين أثناء تأدية عملهم أو في الجرائم التي تقع عل هؤلاء الموظفين لذا تقوم المحكمة مضطرة ببحث معنى الوظيفة وحدودها ومتى تعد أعمال الموظفين خروجاً على حدود الوظيفة كي ترفع عنهم الحماية المقررة بالنصوص الجنائية.
5) الرقابة المالية:
ومن أمثلتها الجهاز المركزي للمحاسبات الذي يتولى بنص الدستور الرقابة على أموال الدولة والأشخاص الاعتبارية العامة، وكذلك مراقبة تنفيذ الموازنة العامة للدولة والموازنات المستقلة ومراجعة حساباتها الختامية.
6) رقابة شبه قضائية (النيابة العامة والنيابة الإدارية)
تقدير الرقابة القضائية:
توفر الرقابة القضائية حصناً منيعاً لحقوق الأفراد وحرياتهم من خلال قاضي محايد ومستقل وإجراءات تقاضي تكفل حق الدفاع.
ويلتزم القاضي الإداري بالفصل في النزاع المطروح عليه وإلا كان مرتكباً لجريمة إنكار العدالة، فالرقابة القضائية وسيلة ناجحة بخلاف الرقابة الإدارية لا تلتزم الإدارة بشأنها بالرد على تظلمات الأفراد.
كما تتميز الرقابة القضائية بمرونة الحلول، وذلك راجع للطبيعة الخاصة للقضاء الإداري كونه يعد قضاءً إنشائي يقوم بابتداع حلول قانونية توفق بين الصالح العام والصالح الخاص.
لذا نجد العديد من النظريات القضائية التي تولدت من ذلك المفهوم كمثال نظرية الظروف الطارئة ونظرية عمل الأمير والموظف الفعلي.
(3) الرقابة الإدارية:
يقصد بالرقابة الإدارية ذلك النوع من الرقابة التي تمارسه الإدارة على نفسها ويسمى بالرقابة الذاتية ويهدف بالتالي إلى حسن سير المرافق العامة بانتظام واضطراد.
1) مبررات الرقابة الإدارية:
أ) مبررات الرقابة الإدارية على الإدارات العامة المركزية:
يمكن إيجاز مبررات الرقابة الإدارية على الإدارات العامة المركزية في ضمان عدم مخالفة المرؤوسين لأية قاعدة قانونية فيما يتعلق بأعمالهم، وهو الأمر الذي يجعل هذه الرقابة في تلك الحالة رقابة ملاءمة.
ب) مبررات الرقابة على الإدارات العامة اللامركزية:
تسعى الرقابة الإدارية هنا أيضاً إلى ضمان احترام المشروعية أو ضمان مراعاة الملاءمة وتختلف درجة الرقابة الإدارية فيما يخص الإدارات العامة المركزية التي تكون رقابة ملاءمة احتراماً لاستقلال الهيئات اللامركزية.
2) وسائل الرقابة الإدارية:
1- الإشراف
2- التفتيش الإداري
3- التقارير الإدارية
4- فحص الشكاوى والتظلمات
1- الإشراف:
يقصد بالإشراف ملاحظة جهود العاملين عن طريق إصدار الأوامر أو التعليمات والإرشادات.
وينقسم الإشراف إلى مستويات ثلاثة:
1- مستويات الإشراف العليا: وتتمثل في الوزراء، حيث أن الوزير هو الرئيس الإداري الأعلى لوزارته والمشرف الأعلى عليها، وعلى مصالحها وإداراتها وأقسامها المختلفة.
2- المستويات الإشرافية الوسطى: وتتمثل في رؤساء المصالح والإدارات والأقسام وفي مديري مكاتب الوزارة الإقليمية
3- المستويات الإشرافية الدنيا: وتتمثل في الرؤساء المباشرين.
2- التفتيش الإداري:
ويقصد به فحص سلامة الأعمال المشمولة بالتفتيش وفقاً للبرامج المعدة سلفاً، ثم إفراع نتائج ذلك الفحص في صورة تقارير أو إحصائيات ترفع للجهات المختصة.
والتفتيش الإداري له صور متعددة فقد يكون دورياً أو فجائياً، وقد يكون مالياً أو فنياً، وقد يكون جزئياً أو كلياً.
3- التقارير الإدارية:
ويقصد بها التقارير التي توضع في صورة مكتوبة بواسطة رؤساء الإدارات العامة تتعلق بسير الأعمال الإدارية المتعلقة بهذه الإدارات وأنشطتها ومدى ما حققته من إنجازات وهو ما يطلق عليه تقارير سير الأعمال وهناك تقارير كفاية العاملين.
4- فحص الشكاوى والتظلمات:
وهذه الصورة من صور الرقابة تأخذ ثلاث صور:
أ) التظلم الولائي:
يكون التظلم الولائي إلى من أصدر القرار الإداري ذاته، ويوضح المتظلم وجه مخالفة التصرف للقانون أو عدم ملاءمته، ويطلب إليه إعادة النظر في التصرف عن طريق سحبه أو إلغائه أو تعديله.
والتظلم الولائي يغير جهة الإدارة في مراجعة قراراتها وإعادة النظر فيها لتقسيمها وإزالة أوجه المخالفة فيها.
إذا لم يفلح التظلم الولائي تكون الفرصة قائمة في التظلم الرئاسي حيث أنه تظلم مقدم من ذوي الشأن إلى رئيس الموظف الذي قام بإصدار القرار الإداري المخالف للقانون.
ويتأسس هذا التظلم على مبدأين:
1- مبدأ السلطة الهرمية (التدرج الرئاسي) حيث يعد كل رئيس مرؤوساً لرئيس أعلى حتى تصل إلى الوزير باعتباره الرئيس الأعلى لوزارته.
2- حق الرئيس الإداري في مراقبة أعمال مرؤوسه سواء بناء على تظلم قدمه ذو الشأن أو من تلقاء نفسه.
رغبة في اعمال التخصص وتفعيل الرقابة الخارجية كان التظلم إل لجنة إدارية خاصة من أتم صور الرقابة وتختص تلك اللجنة برقابة ما يُحال إليها من قرارات أو تصرفات لتلغيها أو تعدلها في حالة عدم مشروعيتها أو عدم ملاءمتها، وقد يتم تكليف بعض الهيئات ببحث شكاوى المواطن العادي كهيئة الرقابة الإدارية.
- تقدير الرقابة الإدارية
تتميز الرقابة الإدارية بالعديد من المميزات منها:
1- أنها لا تحتاج إلى رفع دعوى حيث يمكن للمنظمة الإدارية أن تمارسها من تلقاء نفسها عكس الرقابة القضائية التي تحتاج في ممارستها لرفع دعوى.
2- تقتصر الرقابة القضائية على رقابة المشروعية بخلاف الرقابة الإدارية تتعرض لكل من رقابة المشروعية ورقابة الملاءمة.
3- الرقابة الإدارية أشمل وأكثر جدوى من الناحية الإدارية، فهي لا تقتصر فقط على كشف القصور بل تسعى لمعالجته بالوقوف على أسباب نقص الكفاية والقصور في العمل والإنتاج والكشف عن عيوب الأنظمة الإدارية والفنية والمالية والعمل على علاج تلك العيوب والأسباب.
4- تتميز الرقابة الإدارية بمرونة كبيرة حيث لا تتغير بالإجراءات والمواعيد المقررة للتقاضي، لذا تعد أكثر مناسبة في حالة انقضاء مواعيد التقاضي كما أنها معفاة من الرسوم ومن وساطة محام.... الخ
- عيوب الرقابة الإدارية:
1- تعد جهة الإدارة بخصوص الرقابة الإدارية خصماً وحكماً في ذات الوقت، وقد يكون للإدارة مصلحة في التحلل من قيود المشروعية، كما أن اعتراف من أصدر القرار بخطأ قراره أو عدم مشروعيته لا يتم بسهولة.
2- تعد الرقابة الإدارية غير حاسمة، كالرقابة القضائية التي تتميز بالحكم الذي يحوز حجية الشيء المقضي به.
3- تعد الرقابة الإدارية أحياناً غير مجدية، حيث أن جهة الإدارة ليست ملزمة بالرد على تظلمات الأفراد.
End of Topic
(إيجاد)
(اطّلِع، تعرف، تعلم، درب عقلك، طور من نفسك، زِد معرفتك، كُن على معرفة، فالمعرفة بين يديك)
أهلاً ومرحباً بكم في | إيجاد | تسعدنا آرائكم ومشاركتكم معنا دائماً، فتشاركونا بآرائكم وتعليقاتكم التي تدفعنا إلى مزيداً من العطاء وإيجاد المعرفة