القانون الواجب التطبيق على الحالة العائلية وعلاقات الأسرة:
(1) الزواج:
حتى يكون الزواج صحيحاً لابد من أن يتوافر فيه الشروط الموضوعية والشكلية اللازمة ويختلف القانون الواجب التطبيق على الشروط الموضوعية عنه عن الشروط الشكلية.
أ) الشروط الموضوعية للزواج:
القانون الواجب التطبيق على الشروط الموضوعية للزواج هو القانون الشخصي لكل من الزوجين
ويلاحظ أنه يعتبر تطبيق القاعدة السابقة والتي تقتضي بتطبيق قانون كل من الزوجين على الشروط الموضوعية للزواج أمر ميسوراً عندما تتحد جنسية كل من الزوجين.
ففي هذه الحالة يعد الزواج صحيح إذا توافرت فيه الشروط الموضوعية المقررة في قانون الجنسية المشتركة لطرفي عقد الزواج.
- أما في حالة اختلاف جنسية الزوج عن جنسية الزوجة فهنا يطبق قانون كل من الزوجين تطبيقاً موزعاً.
بمعنى أن تتوافر في الزوج الشروط الموضوعية لصحة الزواج في قانون جنسيته وان تتوافر في الزوجة الشروط الموضوعية لصحة الزواج في قانون جنسيتها.
وبالتالي فهنا يطبق القانون تطبيق موزع وليس تطبيق جامع لأن التطبيق الجامع يتطلب أن يتوافر في كلا الزوجين الشروط الموضوعية المنصوص عليها في كلا القانونين.
مع ملاحظة أنه إذا كانت القاعدة في تطبيق قانون كل من الزوجين تطبيقاً موزعاً الا أن هناك بعض شروط الزواج التي يتعين تطبيقها تطبيقاً جامعاً لأنه لا يتصور توافرها في أحد الزوجين دون الآخر.
وتطبيقاً لذلك تطبق الشروط المتعلقة بسن الزواج وتوافر الرضا بالزواج من الزوجين تطبيقاً موزعاً، حيث يكفي أن يتوافر في كل من الزوجين على انفراد سن أهلية إبرام الزواج في قانونه دون قانون الأخير.
ولكن هناك بعض الشروط الموضوعية تطبق تطبيقاً جامعاً ومنها موانع الزواج
ويستثنى استبعاد تطبيق قانون الجنسية في مجال الشروط الموضوعية للزواج (تدخل النظام العام)
حيث قد يتم استبعاد القانون الواجب التطبيق على الشروط الموضوعية للزواج إذا كان تطبيقه يؤدي إلى نتيجة تتعارض مع النظام العام في دولة القاضي.
ب) الشروط الشكلية للزواج:
يسري على الشروط الشكلية القانون الذي يحكم شامل التصرفات وفقاً لنص المادة 20 مدني والتي تقرر انه تخضع الشروط الشكلية للزواج إلى:
1- قانون بلد الإبرام 2- قانون الجنسية المشتركة 3- قانون الموطن المشترك
وبالتالي يعتبر الزواج صحيحاً من حيث الشكل إذا أُبرم وفقاً لأحد القوانين السابقة.
ج) القانون الواجب التطبيق على آثار الزواج:
يترتب على الزواج آثار شخصية وآثار مالية.
1) الآثار الشخصية للزواج:
تتمثل الآثار الشخصية للزواج في الحقوق والواجبات المتبادلة التي تترتب على الرابطة الزوجية ومنها المعيشة المشتركة بين الزوجين وطاعة الزوجة لزوجها والقيام على شئون البيت وتربية الأولاد والإبقاء في منزل الزوجية وعدم الخروج منه بغير إذن.
والقاعدة خضوع هذه الآثار لجنسية الزوج.
ويلاحظ أنه بالنسبة للنفقة الزوجية فهي تعتبر من آثار الزواج وتخضع بالتالي لقانون الزوج أما النفقة الوقتية فالقانون الواجب عليها هو قانون القاضي وفقاً للرأي الراجح لأن النفقة الوقتية تعد من الإجراءات الضرورية التي لا تمس موضوع الدعوى الأصلية.
وبالنسبة لأهلية المرأة في إبرام التصرفات القانونية بصورة منفردة دون الحصول على إذن زوجها وهي تخضع لقانون جنسية الزوج.
2) الآثار المالية للزواج:
قانون الزوج هو القانون الواجب التطبيق على الآثار المالية للزواج
د) انقضاء الزواج:
من المقرر في القانون المصري انه يسري على الطلاق قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت الطلاق.
ويسري التطبيق والانفصال الجسماني قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت رفع دعوى
مع ملاحظة أن الإجراءات المتعلقة بالطلاق والتطليق تخضع لقانون القاضي وفقاً لأحكام القضاء المصري.
كذلك يخرج من مجال القانون الذي يحكم انحلال الزواج مسألة حضانة الأولاد، حيث تخضع لقانون جنسية الزوج وقت انعقاد الزواج باعتبارها من آثار الزواج وليس من آثار الطلاق.
الاستثناء العام الوارد على تحديد القانون الواجب التطبيق في مجال الزواج في القانون المصري:
بعد أن نص المشرع المصري في المادتين 12، 13 من قواعد التنازع التي تطبق في مجال انعقاد الزواج والآثار المترتبة عليه وفي مجال انحلال الزواج.
أوردت المادة 14 استثناء عليها، حيث من المقرر قانوناً في الأحوال المنصوص عليها في المادتين السابقتين (12، 13) اذا كان احد الزوجين مصرياً وقت انعقاد الزواج يسري القانون المصري وحده فيما عد شرط الأهلية للزواج.
ويلاحظ أنه الاستثناء الوارد في المادة 14 خاص بالشروط الموضوعية للزواج ولا ينطبق على الشروط الشكلية التي يحملها قانونها.
كذلك يلاحظ أن العبرة بتطبيق الاستثناء هو كون أحد الزوجين مصرياً وقت انعقاد الزواج.
وبالتالي إذا تزوج أجنبيين ثم اكتسب أحدهما أو كلاهما الجنسية المصرية لا يطبق الاستثناء وبالتالي لا يطبق القانون المصري.
- وتخضع جميع الشروط الموضوعية لانعقاد الزواج على الاستثناء الوارد في المادة 14 أن يطبق عليها القانون المصري وحده طالما أن أحد الزوجين يتمتع بالجنسية المصرية وقت الزواج.
ولا يخرج من ذلك سوى شرط الأهلية للزواج حيث يظل خاضع للقواعد العامة والتي تقضي بتطبيق قانون كل من الزوجين حيث يكفي أن يكون كل زوج أهلاً لإبرام الزواج وفقاً لأحكام قانون جنسيته.
- الاستثناء الوارد على نظام الزواج في مجال آثار الزواج:
وفقاً للمادة 13 من فإن القانون الواجب التطبيق على آثار الزواج هو قانون جنسية الزوج وقت انعقاد الزواج
واستثناء من ذلك؛ إذا كان احد الزوجين مصرياً وقت انعقاد الزواج تطبيقاً لنص المادة 14 يتعطل حكم المادة 13 وبالتالي فلا يسري على آثار الزواج قانون الزوج وإنما يسري القانون المصري وحده.
ويبدو أهمية هذا الاستثناء في الحالة التي تتزوج فيها مصرية من أجنبي، حيث انه بغير هذا الاستثناء سيكون القانون الواجب التطبيق قانوناً أجنبياً، وهو قانون دولة الزوج والذي يتم العدول عن تطبيقه إعمالاً لنص المادة 14
3) الاستثناء العام على نظام الزواج في مجال انحلال الزواج:
في مجال انحلال الزواج يستبعد كذلك أعمال القانون الواجب التطبيق وهو قانون الزوج وقت الطلاق أو وقت رفع دعوى التطليق أو الفسخ وذلك في الحالة التي يتضح فيها أن أحد الزوجين مصري الجنسية وقت الزواج لينطبق القانون المصري.
وبالتالي من شأن نص المادة 14 أن يؤثر على تغيير القانون الواجب التطبيق إذا تزوجت مصرية من أجنبي فلا يطبق قانون الزوج وقت الطلاق أو رفع دعوى التطليق وإنما يطبق القانون المصر ي وحده.
- وإذا تزوج أجنبيين ثم اكتسب أحدهما الجنسية المصرية فليس من شأن ذلك التأثير على قواعد التنازع الواجبة التطبيق حيث يطبق قانون الزوج ولا يطبق القانون المصري استناداً إلى المادة 14 نظراً لأن المادة 14 تتطلب توافر الجنسية المصرية في أحد الزوجين وقت انعقاد الزواج.
القانون الواجب التطبيق على علاقة الوالدين بالأبناء (البنوة والتبني):
(1) البنوة:
القاعدة انه يرجع إلى قانون جنسية الأب فيما يعلق بثبوت النسب وكذلك في الآثار التي تترتب على ثبوت النسب.
فهذا القانون هو الذي يحكم مسألة الإقرار بالبنوة وإنكارها والعلاقات المتبادلة بين الأب والأبن
كما يدخل في نطاق تطبيق قانون جنسية الأب الأمور المتعلقة بالسلطة الأبوية التي للأب على الأبن، والحقوق والواجبات المتبادلة بين الوالدين والأولاد.
كذلك تخضع مسألة الولاية على النفس لقانون جنسية الأب باعتبارها من آثار النسب الشرعي.
* القانون الواجب التطبيق على تصحيح النسب:
هو قانون جنسية الأب وقت تصحيح النسب وليس وقت ميلاد الولد.
* القانون الواجب التطبيق على حضانة الأولاد:
هو احد القوانين الثلاثة التالية:
1) القانون الذي يحكم آثار انحلال الزواج، أي قانون جنسية الزوج وقت الطلاق إذا رفع دعوى التطليق.
2) القانون الذي يحكم الولاية على النفس، أي قانون جنسية الأب وقت ميلاد الولد.
3) قانون جنسية الطفل
حيث يقوم القاضي المصري الذي يفصل في النزاع في الاختيار بين هذه القوانين الثلاثة لتحديد أيهما يحقق أكثر مصلحة الطفل.
2) التبني:
من المقرر قانوناً انه يرجع في المسائل المتعلقة بصحة التبني الى قانون بلد كل من المتبني والمُتبَنى، وفي المسائل المتعلقة بآثار التبني إلى قانون بلد المتبني.
3) الميراث:
القانون الواجب التطبيق على الميراث، قانون جنسية المورث وقت الموت.
وهذا القانون يحكم شروط استحقاق الورثة ومن هم الورثة ومقدار نصيب كل وارث وموانع الميراث.
واستثناء من ذلك؛ للقاضي استبعاد تطبيق قانون جنسية المورث وقت الموت وهذا القانون الذي يحكم الميراث إذا رأى ان تطبيقه يتعارض مع النظام العام الوطني.
من أمثلة ذلك؛ قاعدة منع الميراث بين مختلفي الديانة وقاعدة ليس للقاتل ميراث.
فمثلاً؛ لو توفي شخصاً فرنسي مسيحي وله ورثة من المصريين المسلمين فلا توارث بينهم، حيث يتم استبعاد تطبيق القانون الفرنسي باعتباره قانون جنسية المورث نظراً لوجود مانع من موانع الميراث وهي الموانع المستمدة من الشريعة الإسلامية.
- حكم التركة الشاغرة:
الرأي الراجح والذي تبناه المشرع المصري يقرر بأيلولة أموال المتوفي الموجودة في مصر إلى الدولة طالما انه ليس لديه ورثة.
حيث من المقرر قانوناً انه تؤول إلى الدولة ملكية التركات الشاغرة الكائنة في مصر والتي يخلفها المتوفون من غير وارث أياً كانت جنسيتهم وذلك من تاريخ وفاتهم.
4) الوصية والتصرفات المضافة إلى ما بعد الموت:
أ) القانون الواجب التطبيق على الشروط الموضوعية للوصية:
القاعدة: تطبيق قانون جنسية الموصي وقت موته.
الاستثناء: يمكن للقاضي استبعاد القانون الذي يحكم الوصية إذا تعارض هذا القانون مع النظام العام الوطني في دولة القاضية فإذا كان القانون الأجنبي يجيز الوصية للقاتل أو يمنع الوصية لاختلاف الجنسي او اللون، يتعين على القاضي استبعاد تطبيق قانون جنسية الموصي لتعارضه مع النظام العام.
* المقدار الجائز الإيصاء به:
هناك فرضان:
1- الفرض الأول: إذا كان كل من الموصي والموصي له من غير المسلمين؛ في هذه الحالة لا يوجد تعارض مع النظام العام في مصر حيث لا يتوافر المساس بحقوق الورثة المسلمين ولهذا يرجع إلى قانون جنسية الموصي لتحديد مقدار ما يجوز الإيصاء به.
2- الفرض الثاني: كون أحد طرف الوصية مسلم سواء أكان الموصي أو الموصي له
هنا يستبعد القانون الأجنبي لتعارضه مع النظام العام في مصر، لأن مقدار الوصية تعد من الأمور الرئيسية التي لا يجوز الخروج عليها في الشريعة الإسلامية
ب) القانون الواجب التطبيق على شكل الوصية:
يسري على شكل الوصية قانون الموصي وقت الإيصاء أو قانون البلد الذي تمت فيه الوصية
وبالتالي؛ الأجنبي الذي يبرم وصية في مصر له اتباع الشكل المقرر في قانون جنسيته وقت الإيصاء أو في القانون المصري باعتباره قانون بلد إبرام الوصية.
- كما أن المصري الذي يبرم وصية في الخارج له الاختيار بين قانون بلد إبرام الوصية وبين القانون المصري باعتباره قانونه الشخصي.
ويلاحظ أن؛ القانون المصري لا يتطلب شكل ما في الوصية، حيث من المقرر أنه تنعقد الوصية بالعبارة أو الكتابة، فإذا كان الموصي عاجزاً عنها انعقدت الوصية بإشارته المفهومة.
End of Topic
(إيجاد)
(اطّلِع، تعرف، تعلم، درب عقلك، طور من نفسك، زِد معرفتك، كُن على معرفة، فالمعرفة بين يديك)
أهلاً ومرحباً بكم في | إيجاد | تسعدنا آرائكم ومشاركتكم معنا دائماً، فتشاركونا بآرائكم وتعليقاتكم التي تدفعنا إلى مزيداً من العطاء وإيجاد المعرفة