شروط تنفيذ الأحكام الأجنبية في مصر:
من المقرر قانوناً أن هناك عدة شروط يجب توافرها في الحكم الأجنبي حتى يمكن الاعتراف به وتنفيذه في مصر، هذه الشروط هي:
1) الشرط الأول: اختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم:
أن تكون المحكمة التي أصدرت الحكم مختصة وفقاً لقواعد الاختصاص الدولي المقررة في قانونها حيث يجب أن تكون المحكمة التي أصدرت الحكم الأجنبي المراد تنفيذه في مصر مختصة بنظر المنازعة التي صدر فيه الحكم، فإذا لم تكن مختصة بنظر تلك المنازعة لا يجوز الأمر بتنفيذ الحكم في مصر.
ويلاحظ أنه: يثور التساؤل بالنسبة للقانون الذي يتعين الرجوع إليه في شأن تحديد الاختصاص القضائي الدولي فهل يتعين أن تكون المحكمة الأجنبية مختصة بنظر المنازعة وفقاً لقواعد الاختصاص المنصوص عليها في قانونها أم أنه يتعين أن تكون مختصة وفقاً لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المقررة في قانون الدولة المراد تنفيذ الحكم بها أي في القانون المصري.
وقد أجاب القانون على التساؤل وقرر أن اختصاص المحكمة يقرر وفقاً لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المنصوص عليها في قانونها وليس في القانون المصري.
ويلاحظ أنه: يتم تقرير توافر شرط اختصاص المحكمة الأجنبية بالمنازعة الصادر فيها الحكم وقت رفع الدعوى ففي هذا الوقت إذا رفعت الدعوى وكانت المحكمة مختصة بنظرها فلا يحول دون تنفيذ الحكم في مصر إلا تكون المحكمة مختصة بنظر المنازعة في وقت لاحق.
- تقديم تعديل قواعد الاختصاص القضائي الدولي في الدولة الصادر بها الحكم الأجنبي ألا أن هذا التعديل لا أثر له على تنفيذ الأحكام الأجنبية لأن العبرة هي بوقت رفع الدعوى.
كذلك يلاحظ أنه: يكفي أن تكون المحكمة الأجنبية مختصة وفقاً لقواعد الاختصاص القضائي الدولي وعدم اشتراط أن تكون مختصة وفقاً لقواعد الاختصاص الداخلي.
- الأصل أن الحكم المراد تنفيذه في مصر يصدر من محكمة أجنبية تختص بالمنازعة التي صدر فيها الحكم وفقاً لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المنصوص عليها في القانون الوطني لهذه المحكمة.
والأصل كذلك أن يصدر الحكم من محكمة مختصة وفقاً لقواعد الاختصاص الداخلي في تلك الدولة وهي القواعد التي تنظم العمل القضائي بين محاكم الدولة الواحدة.
ولكن لا يمنع من تنفيذ الحكم الأجنبي في مصر أن يصدر الحكم بالمخالفة لقواعد الاختصاص الداخلي في الدولة الأجنبية طالما تحقق قاضي التنفيذ من توافر اختصاص المحكمة بالمنازعة دولياً.
أي من توافر إحدى حالات الاختصاص المنصوص عليها في قانون المحكمة التي أصدرت الحكم، وذلك لأن قواعد الاختصاص الداخلي إنما تتعلق بمجال تنظيم العمل القضائي الداخلي ولا تهم مجال العلاقات الخاصة الدولية على عكس قواعد الاختصاص القضائي الدولي.
ولهـذا لا يجوز لقاضي التنفيذ الامتناع عن تنفيذ الحكم الأجنبي في مصر لمخالفة قواعد الاختصاص الداخلي في الدولة الأجنبية الصادر عنها الحكم المراد تنفيذه في مصر.
2) الشرط الثاني: التكليف بالحضور وصحة التمثيل في الخصومة:
حيث يجب أن يكون الخصوم في الدعوى التي صدر فيها الحكم قد كلفوا بالحضور ومثلوا تمثيلاً صحيحاً وفقاً لقانون الدولة الصادر فيها الحكم.
وإذا تعلق الأمر بقاصر وجب اتخاذ إجراءات تمثيلية صحيحة قانوناً، كما يتعين ان يكون الخصوم قد تم تكليفهم بالحضور وتم تمكينهم من إبداء دفاعهم أمام المحكمة الأجنبية التي أصدرت الحكم المراد تنفيذه في مصر.
- ويهدف هذا الشرط إلى كفالة احترام حقوق الدفاع.
ولذلك فإن عدم توافر هذا الشرط يؤدي إلى بطلان الحكم وعدم إمكان تنفيذه في مصر، وقد جرى الفقه والقضاء في فرنسا على اعتبار كفالة حقوق الدفاع أمراً متعلقاً بالنظام العام.
3) الشرط الثالث: أن يكون الحكم المراد تنفيذه نهائياً:
حيث يشترط أن يكون الحكم الأجنبي المراد تنفيذه في مصر نهائياً.
حيث من المقرر قانوناً انه لا يجوز الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق من أن الحكم أو الأمر قد جاز قوة الأمر المقضي وفقاً لقانون البلد الصادر فيه.
والمرجح في تحديد حيازة الحكم لقوة الأمر المقضي هو إلى قانون الدولة الأجنبية الصادر منها الحكم.
وبالتالي يترتب على اشتراط حيازة الحكم لقوة الأمر المقضي أن هناك أحكاماً لا يقبل تنفيذها في مصر من قبيل ذلك الأحكام الوقتية والأحكام الأجنبية المشمولة بالنفاذ المعجل.
4) الشرط الرابع: ألا يتعارض الحكم الأجنبي مع حكم مسبق صدوره من المحاكم المصرية:
حيث من المقرر قانوناً انه لا يجوز الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق من أن الحكم أو الأمر لا يتعارض مع حكم أو أمر سبق صدوره من محاكم الجمهورية.
ذلك أنه في حالة التعارض بين حكم أجنبي وأخر وطني تعين تغليب هذا الأخير، فالحكم الوطني هو الذي يحمل عنوان الحقيقة ووصف الصحة ويعتبر عنوناً لأداء العدالة كما هي مقدرة في بلد القاضي.
ويلاحظ أنه: ما يمنع من تنفيذ الحكم الأجنبي في مصر هو صدور حكم من القضاء المصري يتعارض مع الحكم الأجنبي وليس مجرد رفع الدعوى أمام القضاء المصري.
كذلك يلاحظ أنه: مجرد صدور حكم من القضاء المصري مخالف للحكم الصادر من محكمة أجنبية يمنع من تنفيذ الحكم الأجنبي في مصر طالما أن الحكم سابق في صدوره على الحكم الأجنبي، ولا يشترط بعد ذلك أن يكون الحكم المصري حائزاً لقوة الأمر المقضي أي لا يشترط أن يكون حكماً نهائياً بل يكتفي بحيازة الحكم المصري بحجية الأمر المقضي.
- حالة صدور حكمين أجنبيين صادرين من دولتين مختلفتين ومطلوب تنفيذهم في مصر:
هنا نفرق بين فرضين:
1) الفرض الأول:
أن يكون هناك حكم مسبق صدوره من المحاكم المصرية يتعارض مع كل من هذين الحكمين في هذه الحالة ينبغي على القاضي المصري رفض تنفيذ الحكمين معاً.
2) الفرض الثاني:
أن يكون التعارض قائماً بين كل من الحكمين الأجنبيين ولا يوجد حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في ذات النزاع.
في هذه الحالة إذا لم يكن هناك تعارض بين الحكمين يمكن قبول طلب تنفيذهما معاً في مصر، وكان كل حكم يستجمع شروط تنفيذ الأحكام الأجنبية في مصر.
أما في حالة تعارض الحكمين، فهنا الراجح أنه ينفذ الحكم الأسبق ليس في تاريخ صدوره من المحكمة الأجنبية وإنما في تاريخ تقديم طلب تنفيذه للمحاكم المصرية.
5) الشرط الخامس: عدم مخالفة الحكم الأجنبي للنظام العام في مصر:
حيث من المقرر قانوناً انه لا يجوز الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق من أن الحكم أو الأمر لا يتضمن ما يخالف النظام العام أو الآداب في الجمهورية.
- ويعد مانع النظام العام من الموانع المهمة التي تحول دون تنفيذ الأحكام التي تتعارض مع الأسس الرئيسية في مصر ولهذا لو صدر حكم أجنبي يمنح كل التركة إلى الموصي له كان من غير الممكن تنفيذ هذا الحكم في مصر إذا كان الورثة من المسلمين وذلك لتعارضه مع النظام العام في مصر.
End of Topic
(إيجاد)
(اطّلِع، تعرف، تعلم، درب عقلك، طور من نفسك، زِد معرفتك، كُن على معرفة، فالمعرفة بين يديك)
أهلاً ومرحباً بكم في | إيجاد | تسعدنا آرائكم ومشاركتكم معنا دائماً، فتشاركونا بآرائكم وتعليقاتكم التي تدفعنا إلى مزيداً من العطاء وإيجاد المعرفة