إعلان الرئيسية

الزوجة وبيت الزوجية، وعدل الرجل بين زوجاته:


متى يجب على الزوجة الانتقال إلى بيت الزوجية:


يجب على الزوجة الانتقال إلى بيت الزوجية بعد تهيئة الزوج له، لا فرق في ذلك بين كون السكن في المكان الذي ترضاه أو في غيره، وسواء أكان السكن في مدينتها أو في مدينة أخرى، وسواء أكان في داخل الدولة أو خارجها.

فإن امتنعت عن الانتقال أصبحت ناشزاً وسقط حقها في النفقة، واستثنى قانون الأحوال الشخصية ثلاث حالات أجاز فيها للمرأة عدم الانتقال إلى المنزل الذي هيأه الزوج للسكن وهي:

1- عدم قبضها لمعجل مهرها

2- إذا اشترطت في العقد السكنى في موضع بعينه، أو أن لا تسكن خارج بلدها، فأرادها الزوج على السكنى في موضع غير الموضع المشروط في العقد.

3- أن لا يكون الزوج مأموناً عليها إذا سافر بها من بلدها.

استقلال الزوجة بمسكن خاص بها:


هل يجوز للزوج أن يسكن أولاده من غير زوجته وأقاربه في منزل الزوجية؟


للزوجة الحق في سكن مستقل لا يشاركها فيه غيرها من ضرائرها وأقارب زوجها.

يقول الكاساني: " لو أراد الزوج أن يسكنها مع ضرتها أو مع أحمائها كأم الزوج وأخته وبنته من غيرها وأقاربه فأبت ذلك، عليه أن يسكنها في مسكن منفرد، لأنهن ربما يؤذينها، ويضررنها في المساكنة، وإباؤها دليل الأذى والضرر، ولأنه يحتاج أن يجامعها ويعاشرها في أي وقت يتفق، ولا يمكنه ذلك إذا كان معهما ثالث ".

وقال ابن قدامة قريباً مما قاله الكاساني إلا أنه قرر انه إذا رضيت الضرائر بالسكنى في منزل واحد جاز، لأن الحق لهن.

" ليس للزوج أن يسكن أهله وأقاربه معه دون رضا زوجته في المسكن الذي هيأه لها، ولها الرجوع عن موافقتها على ذلك، ويستثنى من ذلك أبناؤه غير البالغين، وبناته وأبواه الفقيران إذا لم يمكنه الإنفاق عليهما استقلالاً، وتعين وجودهما عنده، وذلك بشرط عدم إضرارهم بالزوجة وان لا يحول وجودهم في المسكن دون المعاشرة الزوجية ".

فلا يجوز إسكان الزوج أهله وأقاربه معه دون رضا زوجته في السكن الذي أعدّه لزوجته، وقضت هذه المادة بجواز رجوع الزوجة عن موافقتها على سكناها مع أهله وأقاربه، واستثنت هذه المادة نوعين من الأقارب يجوز للزوج إسكانهم في بيت الزوجين، وإن لم ترضى الزوجة بذلك.

الأول: أبناؤه غير البالغين من الذكور، وبناته سواء أكن بالغات.

والثاني: والداه الفقيران إذا لم يمكنه أن يستأجر لهما سكناً خاصاً بهما، أو لم يمكنه الإنفاق عليهما في سكن خاص بهما.

ولكنه اشترط لاستثناء هذين النوعين في إسكانهما معه عدم إضرارهم بالزوجة، وان لا يحول وجودهم في المسكن دون المعاشرة الزوجية، وهذا الشرط غير صحيح، فماذا لو كان إسكان الأولاد او الوالدين الفقيرين اللذين لا يستطيع الإنفاق عليهما استقلالاً يضير الزوجة، أيلقي بأولاده ووالديه على قارعة الطريق!! وعلى ذلك فيجب حذف هذا الشرط، ولا يقبل بحال.

هل يجوز للزوج إسكان زوجته مع ضرتها؟


" ليس للزوج أن يسكن مع زوجته زوجة أخرى له في مسكن واحد بغير رضاهما "

هل يجوز للزوجة إسكان أولادها وأقاربها في بيت الزوجية؟

كما منع القانون من إسكان الزوج أولاده البالغين وأقاربه من السكن في بيت الزوجية، فإنه منع الزوجة من أن تسكن أولادها من زوج أخر وأقاربها في البيت الذي هيأه الزوج للحياة الزوجية، أما إذا كان البيت لها، فلها أن تسكن فيه أولادها من غيره وأبويها دون بقية أقاربها،

" ليس للزوجة أن تسكن معها أولادها من زوج آخر أو أقاربها دون رضا زوجها إذا كان المسكن مهيئاً من قِبَله، أما إذا كان المسكن لها، فلها أن تسكن فيه أولادها وأبويها"

حسن العشرة بين الزوجين:


يجب أن تبنى العلاقة بين الزوجين على الاحترام والتقدير، ومراعاة كل واحد من الزوجين حقوق الآخر ومشاعره، وذا يجلب المحبة والمودة بين الزوجين، ويظلل منزل الزوجين بظلال من الهدوء والسكينة، ويجعل المنزل جنّة يفيء إليها كل واحد من الزوجين، ليجد في تلك الظلال راحة النفس وهدوء البال، قال تعالى:

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ ﴿٢٠﴾ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (الروم: 20-21)

ومعالم العشرة الحسنة بين الزوجين إحسان الزوج معاملة زوجته، ورعايتها رعاية حسنة وطاعة المرأة لزوجها بالمعروف، وقد جاءَت النصوص كثيرة وافرة تحث على هذين الأصلين، فقد أمر الحق تبارك وتعالى الرجال بحسن العشرة في قوله: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّـهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ (النساء: 19) والمعروف المأمور به في الآية الصحبة الطيبة.

وكان الرسول ﷺ يقول: " خياركم خياركم لنسائهم " رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وقال الألباني: إسناده حسن.

ومن أراد أن يعرف كيف تكون الصحبة الطيبة للزوجة فلينظر إلى صحبة الرسول ﷺ لزوجاته، وقد جاء عن رسولنا ﷺ قوله: " خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي " رواه الترمذي.

وقد كان الرسول ﷺ يحادث أزواجه، ويضاحكهنَّ، وقد صح عنه أنه سابق عائشة فسبقته، فلما أثقلها الشحم، سابقها فسبقها، فقال: هذه بتلك، وقد كان يصبر على أذاهن، ويجيب على أسئلتهن، ويعلمهن ما جهلن.

وقد رغَّب الله الأزواج بإمساك الزوجات مع وجود ما يكرهونه فيهنَّ من دمامة وخلق، فقد يجعل الله فيهنَّ خيراً كثيراً، فالمرأة لا تخلو من عيب، ولكن قد يكون مع ذلك العيب حسنات كثيرات، قال الرسول ﷺ في الحديث الذي رواه عنه أبو هريرة رضي الله عنه: " استوصوا بالنساء، فإنَّ المرأة خلفت من ضلع، وإنّ أعوج شيءٍ في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، استوصوا بالنساء خيراً "

والخير الذي قد يكون في المرأة ما فيها من الصفات الحسنة الطيبة، وما قد تأتي به من أولاد وبنات من أهل الصلاح.

وقد أثنى رب العزة على النساء المطيعات لأزواجهن في قوله تعالى: ﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّـهُ﴾ (النساء: 349) والقانتات – كما يقول الشوكاني- المطيعات لله، القائمات بما يجب عليهن من حقوق الله وحقوق أزواجهن.

وقد ورد عن ابن عباس تفسير القانتات بأنهن المطيعات لأزواجهن.

وطاعة الزوجة لزوجها أثر من آثار القوامة التي خص الله بها الرجال عن النساء، ولذا فإن الله تعالى قال في طليعة الآية التي أثنى الله فيها على القانتات: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّـهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ (النساء: 34).

وقد شدد الرسول ﷺ على هذا المبدأ، وهو طاعة الزوجة لزوجها، ففي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: " إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات غضبان، لعنتها الملائكة حتى تصبح ".

وجاء في سنن الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: " لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها " قال فيه الشيخ ناصر الدين الألباني: حديث صحيح لشواهده.

وطاعة المرأة لزوجها إنما تكون في دائرة المشروع، فإن أمرها بمعصية فلا طاعة له عليها.

فعلى كلَّ واحد من الزوجين أن يحسن معاشرة الآخر ومعاملته بالمعروف، وإحصان كل منهما للآخر، وتبادل الاحترام والمودة والرحمة والحفاظ على مصلحة الأسرة.

هل يجوز للزوج منع زوجته من زيارة أصولها وفروعها وأخوتها؟


من أعظم القربات التي أمر الله – تبارك وتعالى – الإحسان إلى الوالدين، وصلة الأقارب والأرحام، ويظنُّ بعض الأزواج أن من حقه أن يمنع زوجته من الإحسان إلى والديها وصلة أقاربها من الإخوة والأخوات والعمات والخالات، وهذا ظنٌّ باطل، فإن منعها من ذلك معصية، وطاعة الله ورسوله ﷺ أولى من طاعة الزوج، ولكن على الزوجة أن لا تغالي في الإحسان إلى الوالدين وصلة الأقارب والأرحام، وخاصة في زيارة والديها وإخوتها وأخواتها، فالاعتدال في ذلك كلَّه هو الأقوم والأحرى فإن، فإن أمرها زوجها بالاعتدال في ذلك فعليها طاعته، فعلى الزوج أن لا يمنع زوجته من زيارة أصولها وفروعها وإخوتها بالمعروف، وعلى الزوجة ان تطيع زوجها في الأمور المباحة ".

وهذا النصُّ فيه منع لتعسف بعض الأزواج من حرمان زوجاتهم من زيارة أقاربهنَّ وقطيعة الرحم بينهم.

عدل الرجل بين زوجاته


" على من له أكثر من زوجة أن يعدل بينهنَّ في المعاملة كالمبيت والنفقة "

وقد ألزمت الشريعة الإسلامية بالعدل فيمن تزوج أكثر من زوجة، ويدل على وجوب العدل النصوص العامة التي أمرت بالعدل، كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّـهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ﴾ (المائدة:8)

وإذا أن الرجل لا يستطيع العدل بين الزوجات، فعليه أن يكتفي بالزواج بواحدة، وفي ذلك يقول رب العزة: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾ (النساء: 3)

والعدل المستطاع الذي أمر الله به هو العدل في المبيت والنفقة، ونحو ذلك، أما العدل في ميل القلب فإنه غير مستطاع، وعلى المرء أن يجاهد نفسه حتى لا يميل في محبته كل الميل، وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ﴾ (النساء: 129)

وقد رهَّب الرسول ﷺ من ترك العدل بين الزوجات، ففي السنن للترمذي وأبي داود والنسائي وابن ماجة والدرامي عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: " إذا كانت عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقّه ساقط " وصحح الشيخ ناصر الدين الألباني إسناده.

وقد كان الرسول ﷺ يعدل بين نسائه في القسم والنفقة ويقول: " اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تلمك ولا أملك " رواه الترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجة والدرامي بإسناد حكم عليه الشيخ ناصر الدين الألباني بالصحة.


End of Topic


(إيجاد)

(اطّلِع، تعرف، تعلم، درب عقلك، طور من نفسك، زِد معرفتك، كُن على معرفة، فالمعرفة بين يديك)

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

أهلاً ومرحباً بكم في | إيجاد | تسعدنا آرائكم ومشاركتكم معنا دائماً، فتشاركونا بآرائكم وتعليقاتكم التي تدفعنا إلى مزيداً من العطاء وإيجاد المعرفة