وسائل الدائن في المحافظة على الضمان العام للمدين
إن المشرع قرر حماية الدائن بتقرير بعض الإجراءات التحفظية التي يستطيع من خلالها المحافظة على أموال الضمان العام، ومن بين هذه الوسائل الدعوى غير المباشرة. ودعوى عدم نفاذ التصرف والدعوى البوليصة ودعوى الصورية، والحق في الحبس، وشهر إعسار المدين.
الحق في الحبس:
وسيلة يراد بها حمل المدين على تنفيذ التزامه، أعطاه القانون لكل دائن يكون في نفس الوقت مدينا لمدينه، حيث يفترض وجود شخصين، أحدهما يحوز شيئا عليه أداؤه للآخر، وله في ذات الوقت حق قبله مرتبط بالتزامه هذا، فيكون له أن يحبس الشيء الذي التزم بأدائه إلى أن يوفى له حقه، ويشترط فيه الاتي:
- يشترط لقيام الحق في الحبس أن يكون الحابس ملتزما بأداء شيء، هذا الشيء هو الذي ينصب عليه الحبس ويكون عادة في حوزة الحابس، بحيث يمتنع عن تسليمه حتى يستوفي حقه.
- لا يكفي لقيام الحق في الحبس، وجود التزام على عاتق الحابس، ووجود حق له مستحق الأداء، بل يجب علاوة على ذلك وجود ارتباط بين هذين الالتزامين، فهذا الارتباط هو الذي يبرر امتناع الحابس عن تسليم شيء لمدينه، لحمل الأخير على الوفاء بالتزامه وإن للحابس حقوقا، وعليه واجبات ونبينها فيما يلي.
- حقوق الحابس:
1) متى توافرت شروط الحق في الحبس، كان للحابس الامتناع عن تسليم الشيء المحبوس إلى من له الحق في تسلمه، كما أن له أن يتمسك بهذا الحق في مواجهة الغير
2) يترتب على توافر شروط الحق في الحبس، أن يصبح من حق الحابس الامتناع عن تسليم الشيء الموجود تحت يده إلى مالكه أو لمن له الحق في استرداده
3) إن الحق في الحبس لا يعطي للحابس حق امتياز على العين المحبوسة، وبالتالي لا يجوز للحابس أن يقوم بالتنفيذ على العين المحبوسة باعتباره دائنا ممتازا وإنما ينفذ عليها باعتباره دائن عادي
- واجبات الحابس:
1) إن الحابس يجب عليه المحافظة على العين، كما يحافظ الدائن المرتهن رهن حيازة على العين المرهونة الموجودة تحت يده.
2) يكون الحابس ملتزما بتقديم حساب عن غلة الشيء إلى المالك عند انقضاء الحق في الحبس، فيرد له العين وثمرتها بعد خصم المصروفات التي أنفقها
3) يجب على الحابس أن يسارع إلى رد العين المحبوسة بعد انقضاء سبب الحبس حتى يتخلص من تبعة هلاكه.
الدعوى غير المباشرة:
- تعريف الدعوى غير المباشرة:
هي وسيلة وضعت في يد الدائن ليحمي بها حقه في الضمان العام من ان ينتقص نتيجة قعود المدين عن استعمال بعض حقوقه أو المطالبة بها، فهي تهدف إلى حماية الدائن من تقصير المدين عن طريق تمكين الدائن من ان يباشر بنفسه حقوق المدين ودعاواه نيابة عنه
- شروط الدعوى غير المباشرة:
- الشروط المتعلقة بالدائن:
لا يشترط في حق الدائن سوى أن يكون محققا حتى ولو كان هذا الحق غير معين المقدار او غير مستحق الأداء ولا يشترط أن يكون حق الدائن سابقا لحق المدين المراد استعماله أو مساويا لحق المدين في ذمة الغير
- الشروط المتعلقة بالمدين:
يشترط من ناحية أن يكون المدين مهملا في استعمال حقوقه، وأن يكون هذا الإهمال - من ناحية أخرى - من شأنه أن يؤدي إلى إعساره أو إلى الزيادة في هذا الإعسار.
- إدخال المدين خصماً في الدعوى:
حيث اشترط القانون أن يتم إدخال المدين في الدعوى وذلك ليكون الحكم الذي يصدر فيها ساريا في حقه.
آثار الدعوى غير المباشرة:
أولا: يكون للمدعي عليه أن يوجه إلى الدائن كافة الدفوع التي يستطيع أن يوجهها إلى المدين، بداهة مركز المدعي عليه لا يصح أن يتغير وفقا لشخص من يباشر الدعوى.
ثانيا: ثمرة الدعوى ينتفع منها كل دائني المدين، ولا محل للاعتراض بأن الحكم يجب أن يكون أثره قاصرا على طرفي الدعوى لأنه الدائن استعمل الحق لم يستعمله باسمه.
- الدعوى البوليصية:
تعريف دعوى عدم نفاذ التصرفات (الدعوى البوليصية):
إن وجود الالتزام لا يمنع المدين من التصرف في أمواله، فيستطيع الشخص رغم كونه مديناً وهنا تبدو مصلحة الدائنين في الاعتراض على تصرف المدين وقد أعطاه القانون لتحقيق هذا الغرض دعوى سماها دعوى عدم نفاذ التصرفات (الدعوى البوليصية) تجاه التصرفات المشوبة بالغش.
شروط استعمال الدعوى البوليصية:
أولاً: الشروط المتعلقة بالدائن الذي يجوز له استعمال الدعوى من البوليصية:
(أ) أن يكون حق الدائن مستحق الأداء: فلا يكفي لاستعمالها أن يكون حق الدائن موجودا بل يجب أن يكون مستحق الأداء.
(ب) أن يكون حق الدائن سابقا على التصرف المطعون فيه ورغم أن القانون لم ينص على هذا الشرط صراحة إلا أن الرأي في الفقه مجمع على تطلبه لمنتقيته وتوافقه مع الهدف الذي ترمي هذه الدعوى إلى تحقيقه.
(ج) أن تكون للدائن مصلحة في رفع الدعوى: ويكون للدائن مصلحة في رفع الدعوى إذا كان يستطيع استيفاء حقه من المال الذي تصرف فيه المدين.
ثانياً: الشروط المتعلقة بالتصرف الذي أبرمه المدين (التصرف المطعون فيه):
(أ) أن يتعلق الأمر بتصرف قانوني: لأن نطاق الدعوى البوليصية يتحدد بالتصرفات القانونية التي يبرمها المدين، أي لا شأن لها بالأعمال المادية التي تقع من المدين.
(ب) أن يكون التصرف القانوني مفقرا: وذلك إذا انتقص من حقوق المدين، ومثال ذلك أن يهب المدين مال من أمواله، أو أن يزيد من التزامات المدين، ومثال ذلك أن يقترض المدين من شخص.
(ج) أن يترتب على هذا التصرف إعسار المدين أو الزيادة في إعساره: والمقصود بالإعسار هنا هو الإعسار الفعلي لا القانوني.
ونلاحظ انه يقع عبء إثبات إعسار المدين على عاتق الدائن.
(د) أن يكون هذا التصرف، متى كان معاوضة، منطويا على غش من جانب المدين مع علم المتصرف إليه بهذا الغش ولا يشترط الغش في الهبه
ثالثًا: الشرط الشكلي:
وجوب رفع الدعوى البوليصية خلال ثلاث سنوات تبدأ من اليوم الذي يعلم فيه الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف. او خمس عشرة سنة تبدأ من وقت صدور التصرف القابل للطعن فيه بالدعوى البوليصية.
آثار الدعوى البوليصية:
أولاً: إذا نجحت الدعوى البوليصية فأثرها لا يقتصر على الدائن الذي باشرها ويتضح من ذلك أن الدائنين الذين يتساوون مع الدائن رافع الدعوى البوليصية يستفيدون من الحكم الصادر فيها بعدم نفاذ التصرف في مواجهته
ثانياً: يبقي المدين المتصرف والمتصرف له متعاقدين ولا ينفذ التصرف المطعون فيه في مواجهة الدائنين الذين تم الإضرار بهم.
دعوى الصورية:
مفهوم دعوى الصورية:
تفترض الصورية وجود تصرفين بين نفس العاقدين أحدهما ظاهر لم تتجه إليه إرادتهما، والآخر خفي الذي يمثل قصدهما الحقيقي، مثال ذلك إخفاء هبة في صورة بيع.
مفترضات توافر الصورية:
لقد تطلب المشرع في الصورية مفترضات معينة تتمثل في الآتي:
(1) أن يوجد تصرفات بين ذات المتعاقدين أحدهما ظاهر والآخر مستتر
(2) أن يكون التصرفان الظاهر والمستتر متعاصرين
(3) إخفاء التصرف الحقيقي وإظهار التصرف الصوري.
أحكام الصورية:
تظهر هذه الأحكام في العلاقة الموجودة بين العاقدين والغير.
أولاً: أحكام الصورية فيما بين المتعاقدين وخلفهما العام
طالما اتجهت إرادة المتعاقدين إلى العقد الخفي لا الظاهر، فإن العقد الخفي هو الذي يسري عليهما وعلى خلفهما العام، مع ما يترتب على هذا القول من أحكام، وعليه يجب أن تتوافر في العقد الخفي أركانه الأساسية من تراضي ومحل وسبب، أما إن كان العقد الخفي يتطلب شكلية معينة (كالرسمية) بينما لا يطلبها العقد الظاهر فإن العقد الخفي يكون صحيحا ولو لم يفرغ في الشكل المطلوب، هذا وإثبات وجود العقد الخفي بين المتعاقدين يتبع في شأنه القواعد العامة في الإثبات، بحيث متى كان العقد الظاهر مكتوبا وجب إثبات العقد الخفي بالكتابة، وفي الحالة العكسية جاز إثبات العقد الخفي بكل الطرق.
ثانياً: أحكام الصورية بالنظر إلى الغير:
يقصد بالغير هنا الدائنون العاديون للمتعاقدين وخلفهما الخاص، فهؤلاء واعتمادا منهم على ظاهر الأمور يسري في حقهم العقد الظاهر لا الخفي وهذا متى كانوا حسني النية، بحيث لا يعلمون بوجود الصورية وإلا عوملوا كالمتعاقدين، هذا ولما يحدث أن تتعارض مصالح الغير، بحيث نجد أن بعضهم تكون مصلحته في التمسك بالعقد الظاهر والبعض الآخر بالعقد الخفي، فالحل الواجب الإتباع هو اعتماد العقد لظاهر في مواجهتهم وهذا حماية لمن يتمسك بظاهر الأمور وهذا الحل اعتمدته محكمة النقض الفرنسية منذ سنة 1940 والغير الذي يدعى وجود الصورية يجب عليه إثباتها وذلك بكافة الطرق إذ لم يكن طرفا في العقد.
الإعسار:
لقد اخذ المشرع في مجال المعاملات المدنية فقد أخذ المشرع بنظام الإعسار وهو يهدف إلى حماية الدائنين كنظام الإفلاس وإن لم يبلغ مرتبته في توفير تلك الحماية فهو لا يقتضي رفع يد المدين عن أمواله وإن أدى إلى منعه من التصرف فيها على نحو ضار بالدائنين.
شروط شهر الإعسار:
- الشرط الأول: عدم كفاية أموال المدين لوفاء ديونه المستحقة الأداء
- الشرط الثاني: رفع دعوي بطلب شهر الإعسار
- الشرط الثالث: تقدير المحكمة ملائمة شهر الإعسار
الآثار التي تترتب على شهر الإعسار:
1- آثار شهر الإعسار بالنسبة إلى المدين:
أ- عدم نفاذ تصرفات المدين منذ تسجيل صحيفة دعوى الإعسار في مواجهة الدائنين متى كانت ضارة بهم
ب- تعرض المدين لعقوبة التبديد إذا صدرت منه أعمال معينة.
ج- جواز الحكم للمدين بنفقة يتقاضاها من إيراداته المحجوزة.
2- آثار شهر الإعسار بالنسبة إلى الدائنين:
أ – حلول الديون المؤجلة
ب – عدم نفاذ حقوق الاختصاص
ج – إمكان اتخاذ إجراءات فردية ضد المدين
وقد قرر المشرع مبدأ حريه المدين في التصرف في أمواله وحفاظًا على الضمان العام للدائنين قرر مجموعة من الوسائل لحماية الدائن من تلاعب المدين والضمان العام للمدين.
End of Topic
(إيجاد)
(اطّلِع، تعرف، تعلم، درب عقلك، طور من نفسك، زِد معرفتك، كُن على معرفة، فالمعرفة بين يديك)
أهلاً ومرحباً بكم في | إيجاد | تسعدنا آرائكم ومشاركتكم معنا دائماً، فتشاركونا بآرائكم وتعليقاتكم التي تدفعنا إلى مزيداً من العطاء وإيجاد المعرفة