الاشتراط في عقد النكاح
ما هو الاشتراط في عقد النكاح:
المراد بالشرط في عقد النكاح أن يشترط أحد الزوجين على الآخر في عقد النكاح بعض ما يرى أنَّ له فيه مصلحة، كأن تشترط المرأة على الزوج أن لا ينقلها من بلدها، أو لا يتزوج عليها ونحو ذلك.
" إذا اشترط حين العقد شرط نافع لأحد الزوجين؛ ولم يكن منافياً لمقاصد الزواج، ولم يلتزم فيه بما هو محظور شرعاً، وسجل في وثيقة العقد وجبت مراعاته وفقاً لما يلي:
أ- إذا اشترطت الزوجة على زوجها شرطاً تتحقق لها به مصلحة غير محظورة شرعاً ولا يمس حق غيرها، كأن تشترط عليه أن فلا يخرجها من بلدها أو أن لا يتزوج عليها، أو أن يسكنها في بلد معين، أو أن لا يمنعها من العمل خارج البيت، أو أن تكون عصمة الطلاق بيدها، كان الشرط صحيحاً، فإن لم يفي به الزوج فسخ العقد بطلب الزوجة ولها مطالبته بسائر حقوقها الزوجية.
ب- إذا اشترط الزوج على زوجته شرطاً تتحقق له به مصلحة غير محظورة شرعاً ولا يمس حق غيره، كأن يشترط عليها أن لا تعمل خارج البيت، أو أن تسكن معه في البلد الذي يعمل هو فيه، كان الشرط صحيحاً وملزماً.
فإذا لم تف به الوجه فسخ النكاح بطلب من الزوج، وسقط مهرها المؤجل ونفقة عدتها.
ج- إذا قيد العقد بشرط ينافي مقاصده أو يلتزم فيه بما هو محظور شرعاً، كأن يشترط أحد الزوجين على الأخر أن لا يساكنه أو أن لا يعاشره معاشرة الأزواج، أو أن يشرب الخمر، أو أن يقاطع أحد والديه، كان الشرط باطلاً والعقد صحيحاً ".
وقد اخذ قانون الأحوال الشخصية بقول الفقهاء الذين ألزموا بالشروط التي اشترطها أحد الزوجين على الآخر في عقد الزواج، مراعياً بذلك إرادة العاقد في الشروط.
والشروط التي تجب مراعاتها في قول الفقهاء الذين اخذ القانون بقولهم هي الشروط التي لم يأمر الشارع بها، ولم ينه عنها، ولم تناف مقصد عقد النكاح، ولم تخالف نصاً من نصوص الشارع، وفيها مصلحة لأحد الطرفين.
والأخذ بهذه الشروط محل نزاع كبير بين الفقهاء، وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى القول ببطلان هذه الشروط، ومنهم الحنفية والمالكية والشافعية راجع: المغني لابن قدامة: 7/448. والشرح الكبير: 7/526 الاستذكار لابن عبد البر: 16/148. الأم للشافعي: 5/65واستدلوا على بطلانها بقوله ﷺ: " من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فهو باطل " ومعنى الحديث عندهم أن كل شرط لم يرد به نصٌّ من الشارع يدل على صحته باطل، ولا يجوز اشتراطه. ومذهب الحنابلة وجمع من أهل العلم جواز الأخذ بهذه الشروط، واستدلُّوا بالحديث الذي استدلَّ به الفريق الأول (من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فهو باطل)
ومعنى الحديث عندهم كما فسره عمر بن الخطاب أو عبدالله بن عمر أنَّ " كلَّ شرط خالف
كتاب الله فهو باطل " " رواه البخاري في صحيحه تعليقاً: 5/535. قبل الحديث (2735)" ويدل لصحة فقههم للحديث أحاديث أخرى، منها ما رواه الترمذي عن عقبة بن عامر الجهني، قال: قال رسول الله ﷺ: " إنَّ أحقَّ ما أوفيتم من الشروط ان توفوا به ما استحللتم به الفروج ". وقد دلَّ الحديث على انَّ الوفاء بالشروط في جميع المعاملات حقٌّ، ولكن الشروط في باب النكاح أحق وأولى، قال ابن حجر في شرحه للحديث: " أحق الشروط بالوفاء شروط النكاح، لأن أمره أحوط وبابه أضيق " " رواه البخاري في صحيحه: 9/217. ورقمه: 5151. ورواه الترمذي وقال فيه: حديث حسن صحيح ".
ومنها الحديث الذي رواه الترمذي في سنته أن الرسول ﷺ قال: " الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحاً حرّم حلالاً، أو أحلَّ حراماً، والمسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرّم حلالاً أو أحلَّ حراماً ".
والحديث صريح في جواز الشروط التي لا تخالف ما شرعه الله. وفي الصحيح عن عمر بن الخطاب تعليقاً: " إن مقاطع الحقوق عند الشروط، ولك ما اشترطت " "صحيح البخاري: 5/353. تعليقاً قبل الحديث رقم (2721) "
ضوابط الشروط الصحيحة الملزمة في عقد النكاح:
وقد وُضعت ضوابط للشروط الصحيحة الملزمة لمن اشترطت عليه هي:
1- أن يكون الشرط نافعاً لمن اشترطه من الزوجين، يحقق لصاحبه مصلحة حقيقية، كأن تشترط عليه أن لا يتزوج عليها، ولا يخرجها من بلدها، أو يسكنها في بلد بعينه، أولا يخرجها من ديارها، او يشترط عليها أن لا تعمل خارج المنزل، أو تسكن معه في البلد الذي يعمل فيه.
فإن كان الشرط لا منفعة فيه لمشترطه، فهو شرط موصوف بالعبث، ولا تضر مخالفته، كأن يشترط أحدهما على الآخر أن لا يضحك أو لا يبكي، أو لا يسرع في مشيه، ونحو ذلك
3- أن لا يكون الشرط محظوراً شرعاً، بأن يكون في الشرط إحلال للحرام أو تحريم للحلال كالذي يشترط على الآخر أن لا يحج، أو لا يصلي، أو يشرب الخمر، أو لا يبر والديه، ومن ذلك اشتراط المرأة عدم طاعة زوجها، أو تخرج بغير إذنه، أو يشترط عليها أن لا مهر لها، أو لا يقسم لها، ولا ينفق عليها.
4- أن لا يمسَّ الشرط حقَّ الغير، فإذا اشترط أحد الزوجين على الآخر شرطاً يتعلق بأبيه أو أمه أو إخوانه فلا اعتبار لهذا الشرط، كأن تشترط على الزوج أن يترك أبوه عمله، أو أن تلبس والدته لباساً بعينه.
5- الشروط التي تجب مراعاتها هي الشروط المسجلة في وثيقة العقد، ويفهم من هذا النص أن الشروط التي لم تسجل في وثيقة العقد ملغاة إن لم يعترف الطرف الآخر بها، ولو شهد عليها شهود، أو كانت موثقة بوثيقة موع عليها من الطرفين.
الحكم في حال نقض الشرط:
إذا كان الشرط الذي اشترطه أحد الزوجين على الآخر موافقاً لما قرره القانون والشرع فإن الشرط صحيح تجب مراعاته، فإذا لم يلتزم المشروط عليه بالشرط فيكون الحكم على النحو التالي:
1- إذا كان الناقض للشرط هو الزوج، فإن من حق الزوجة فسخ العقد، كما يحقُّ لها المطالبة بكل حقوقها لديه، كمؤخر المهر، ونفقة الزوجية، ونفقة الطلاق أو الفسخ.
2- إذا كانت الزوجة هي الناقضة للشرط، فإن للزوج فسخ النكاح، ويعفى من مؤخر مهرها، ونفقة عدتها.
وإعفاء الزوج من مؤخر المهر بهذا لإطلاق لا يحقق العدالة، فقد يكون المهر كله مؤخراً، فيأخذه الزوج كله، وقد لا ينال إلا نصفه إذا كان المؤخر النصف، وقد لا ينال منه شيئاً إذا كان معجلاً، وهذا يلزم بتغيير هذه الفقرة من المادة على نحو يحقق العدالة في كل الحالات.
رابعاً: الشرط المنافي لمقاصد النكاح أو المقيد لأحد الزوجين بقيد محظور في الشرع شرط غير صحيح، وعلى ذلك فالعقد صحيح والشرط باطل.
يجب أن تكون عبارة الشرط واضحة:
" ينبغي أن تكون عبارة الشرط واضحة، مشتملة على تصرف يلتزم به المشروط عليه، ليترتب على عدم الوفاء به أحكامه وآثاره ".
شرط العصمة:
" يستثنى شرط العِصْمة من اشتمال عبارته على تصرّف يلتزم به الزوج، أو يحون بمثابة التفويض بالطلاق، وصلاحيته مستمرة بعد مجلس العقد، وتوقعه الزوجة بعبارتها أمام القاضي، ويكون الطلاق به بائناً ".
وقد أُجيزَ للزوجة أن تشترط على زوجها أن تكون العصمة بيده، أي تشترط أن يكون لها الحقُّ في تطليق نفسه، ويكون هذا بمثابة التفويض أو التوكيل لها بأن تطلق نفسها، وتستمر صلاحية هذا الشرط إلى ما بعد عقد لمجلس، وإذا أرادت الزوجة تطليق نفسها، فإنها توقع الطلاق بعبارتها أمام القاضي، ويكون الطلاق به بائناً.
End of Topic
(إيجاد)
(اطّلِع، تعرف، تعلم، درب عقلك، طور من نفسك، زِد معرفتك، كُن على معرفة، فالمعرفة بين يديك)
أهلاً ومرحباً بكم في | إيجاد | تسعدنا آرائكم ومشاركتكم معنا دائماً، فتشاركونا بآرائكم وتعليقاتكم التي تدفعنا إلى مزيداً من العطاء وإيجاد المعرفة