إعلان الرئيسية

نشأة المسرح المصري والنقد المسرحي:


بداية ظهور المسرح في مصر:


ان بداية ظهور المسرح كان في عام 1870 وفي الفترة من 1870 حتى 1923 تعد هذه المرحلة فترة واحدة في تاريخ المسرح المصري وهي فترة " النشأة " فكانت هذه الفترة هي المرحلة التي نشأ فيها المسرح المصري، فقد مر المسرح المصري في هذه المرحلة بتجربة متكاملة ساهمت في تشكيله في نهاية تلك المرحلة، وهذه التجربة يمكن تقييمها داخل اطار النشأة إلى مراحل ثلاث لا تنفصل عن النشأة بأي حال من الأحوال، وكل مرحلة من تلك المراحل تمثل جزءاً من تجربة المسرح المصري في دور نشأته
- وتبدأ الفترة الأولى لنشأة المسرح المصري من (عام 1870 حتى عام 1905) ويمكن تسمية تلك الفترة بدور التكوين
- وتبدأ الفترة الثانية من (عام 1905 حتى عام 1914) ويمكن ان تسمى تلك الفترة بالدور الرومانسي في نشأة المسرح المصري
- وتبدأ الفترة الثالثة من (عام 1915 حتى عام 1923) وهو الدور الواقعي والمعاصر الذي مر به المسرح المصري.

كيفية ظهور وتطور المسرح المصري وأثره على النقد المسرحي:


لقد ظهر المسرح في مصر نتيجة جهد فردي على يد " يعقوب صنوع " عام 1870م، وتعتبر الأعمال الفنية المسرحية قبل ذلك التاريخ ليست تابعة للمسرح المصري باللغة العربية مثل (خيال الظل – الأراجوز – أعمال المحبظين) وهي أعمال مسرحية لا تحتوي في مضمونها وشكلها على أساس درامي، كما انها لم تكن تقدم مادة يمكن للناقد المسرحي نقدها، ومن الثابت لدينا أن " يعقوب صنوع " عندما أنشأ مسرحه لم يكن في اعتباره ان يطور (خيال الظل – الأراجوز – أعمال المحبظين) وانما كان في اعتباره ان يقدم صورة للفن الذي رآه وأُعجب به عندما قام بزيارة أوروبا، وما رآه من دور تلك الأعمال المسرحية في التغيير الاجتماعي

ومن هنا يمكن ان نؤكد ان المسرح ظهر باللغة العربية عام 1870، وبرغم ان ظهور المسرح في مصر لأول مرة كان نتيجة جهد فردي من ( يعقوب صنوع) الا ان المسرح قد ارتبطت نشأته في مصر بحركة الأحياء التي قام بها التنويريون من مشيدي النهضة الحديثة، وكانت هذه الحركة نتيجة الاختلاط الثقافي بين مصر والغرب، وقد لاقى مسرح " يعقوب صنوع " نجاحاً كبيراً، لكنه لم يستمر اكثر من سنتين.

صورة مسرح " يعقوب صنوع " وأثره على النقد في مصر:


كان مسرح " يعقوب صنوع " ساذجاً، بسيطاً، قدم فيه مجموعة من مسرحيات الفودفيل، وكان أداء " يعقوب " وممثليه مقبولاً إلى حداً ما، ولكنه لم يكن على درجة كبيرة ولم تكن مسرحياته متقبلة أيضاً لدرجة كبيرة، ولكن اختيار المسرحيات الغنائية ومسرحيات الفودفيل كان بناءً على طبيعة الشعب المصري الساخرة، فهي ما دفعت " يعقوب صنوع " إلى هذا اللون، فضلاً عن طبيعته المُحبة للغناء

وفي تلك المرحلة وبالتحديد من عام 1876 حتى 1905، نجد ان الفرق الشامية الوافدة إلى مصر قد استطاعت ان تُعمق الإحساس بالمسرح دون ان تخلق القدرة الواعية بالنقد المسرحي، فقد وفد " سليم النقاش " إلى مصر وقام بالتمثيل فيها في ديسمبر عام 1876 ولم يستمر طويلاً، حيث اتجه نحو الصحافة، وتولى امر فرقته بعد ذلك " يوسف خياط " عام 1877م ثم انشق عنه سليمان القراحي عام 1882، وكانت الفرقتان تعملان أحياناً في وقت واحد، وكانت مدرسة " النقاش " هي المسيطرة على المسرح حتى قدم " القباني " إلى مصر عام 1884، فأدخل إلى المسرح لون جديد يعتمد على الغناء " المسرحية الغنائية "، ثم بعد ذلك انشق عنه " إسكندر فرح " وكون فرقة تمثيلية عام 1891، وكانت هناك فرق أخرى في هذا الوقت تقوم بالتمثيل لكنها لم تكن بذات الأهمية، ثم انشق " سلامة حجازي " عن " إسكندر فرح " عام 1905 وكون فرقة مسرحية خاصة به.

وإذا نظرنا إلى هذه الفرق حتى تكوين " سلامة " لفرقته عام 1905 فإننا نجد ان تلك الفرق المسرحية تؤدي نفس الأعمال التي كان يمثلها " مارون النقاش " في بيروت و " سليم النقاش " في مصر

وكانت تلك المسرحيات مُترجمة ترجمة غير أمينة، متأثرة في اقتباسها بالأدب الشعبي، خصوصاً في نهايتها حيث كانت النهاية سعيدة تشبه بما كان يضعه القصاص الشعبي، كما كانت الترجمة ركيكة الأسلوب، محشوة بالسجع، يختلط اسلوبها بالشعر والنثر بلا ضابط، وكانت الأعمال المسرحية المؤلفة مستمدة في معظمها من التراث الشعبي وقصص " ألف ليلة وليلة "

وكان من أهم مؤلفي المسرح الذين برزوا بعد " مارون النقاش " في هذه الفترة " أبو خليل القباني " الذي كان أديباً شاعراً نشرت له الأهرام بعض القصائد الشعرية، وقد استخدم هذه القدرة الشعرية في كتابة المسرحية وكان يستمد معظم موضوعاته من الأدب الشعبي العربي.

وكانت هذه الفرق والمؤلفات المسرحية لا تتجه نحو مذهب معين من مذاهب الفن المسرحي، فالمسرحيات المترجمة كانت خليطاً ما بين الكلاسيكية المحدثة والرومانسية، أما المسرحيات المؤلفة فهي لا تتبع نمطاً معيناً، ولا يمكن وضعها داخل مذهب فهي مجرد مؤلفات فقط لم تصل في قدرتها الفنية الى التكامل الفني المطلوب للمسرحية.

أما بالنسبة للنقد المسرحي فقد ظهر عام 1898، كانت غايته توجيه المسرح اجتماعياً، وقد اخذ النقد ينمو ببطء حتى عام 1905، وهي بداية الفترة الرومانسية للمسرح، فعندما كون " سلامة حجازي " فرقته توجه إليه الجمهور، وكان على " إسكندر فرح " ان يقوم بعملية جديدة يجذب بها الجمهور إليه، فاتجه نحو المسرحيات الرومانسية، فكتب مقالين في صحيفة " الظاهر "

الأولى بعنوان " نهضة جديدة " وفيها تحدث عن الجمهور وتطور وعيه وانه اصبح يعرف فوائد فن التمثيل ومزاياه العديدة، وبات يتطلب تمثيلاً راقياً غير تمثيل الأمس، وروايات عصرية يفيد تمثيلها وتكون مواضيعها ملائمة للأحوال الحاضرة، مؤثرة في النفوس داعية إلى التبصر. 

(صحيفة الظاهر: العدد 57 نشرت في 4/10/1905)


أما في المقالة الثانية التي كتبها بعنوان " فن التمثيل " وهل أفاد الفائدة المطلوبة يكشف عن جانب مهم في فهم نشأة المسرح المصري، فهو يبين لنا ان بداية المسرح مرت بمخطط واضح في اذهان الرواد الأوائل لهذا الفن، وان هذه الخطة مرت بثلاث مراحل قدموا في المرحلة الأولى المسرحيات التي تكثر فيها الخرافات والمجون والأنغام، وهي الأحوال التي تتشوق اليها العامة.

(صحيفة الظاهر: العدد 588 نشرت في 25/10/1905)


وكانت المسرحيات المؤلفة قريبة من حكايات " ألف ليلة وليلة " و " قصص الحب العربي " ، وقصص البطولة الشعبية " فكانت معظم المسرحيات المؤلفة تتجه إلى هذه المصادر وتتخذ منها موضوعاً لمسرحياتها مثل (أنس الجليس – نفح الربى – عفة المحبين – ولادة – عنتر – ناكر الجميل – الأمير محمود – زهر الرياض – الشيخ وضاح ومصباح – قوت الأرواح – المروءة والوفاء – المعتمد بن عباد – علي بك – فتح الاندلس – اللقاء المأنوس في حرب البسوس – وفاء العرب – الرشيد البرامكة – مهلهل سيد ربيعة – حياة امرئ القيس – ابن وائل – السلطان صلاح الدين ومملكة اورشليم) وغيرها الكثير من المسرحيات التي استمدت أصولها من التراث العربي والشعبي

والمسرحيات المترجمة والمقتبسة في معظمها نفس روح البطولة ونفس الحس القصصي في أدبنا الشعبي مع بعض التعديلات التي تجعلها قريبة الشبه بالروح الشعبية في القصص العربي.

ثم بعد ذلك قدم " إسكندر فرح " المسرحيات البسيطة التي لا يمل منها الشعب ويرى فيها عظات بالغات وفي مقدمة هذه المسرحيات " عربة الشيخ نجيب الحداد "

وقد فشل " إسكندر فرح " في الاستمرار بمسرحه، فقد اغلق عام 1908 فقد انتصر مسرح " سلامة حجازي " حيث سار في نفس طريقه فقدم المسرحيات الرومانسية للجمهور وكان هناك مجال للمفاضلة بين مسرحي سلامة واسكندر ورجحت كفة " سلامة حجازي " فهو كان يقدم للجمهور المسرحيات الرومانسية في صورة غنائية لا تغير من جوهر ما تعود عليه الجمهور فيستمتع الجمهور بصوت سلامة مع استمتاعه بالتمثيل، وهذا نتج عنه زيادة الكُتّاب الذين يناصرون سلامة أو إسكندر فرح

فتصدى كل واحد للدفاع عمن يرى فيه حامي فن المسرح، وظهرت محاولات نقدية جادة في التعريف بالمسرحيات المقدمة ونقدها بقدر الإمكان

فكانت صحيفة " الجوانب المصرية " التي كان يرأس تحريرها " الشاعر خليل مطران " أهم صحيفة حاولت ان تقوم بدور كبير في تأكيد المسرح في اذهان الجمهور ببعض الدراسات حول بعض المسرحيات المقدمة سواء اكانت من فرقة سلامة أم من فرقة إسكندر.

وكون " سليمان الحداد وعزيز عيد " عام 1907 فرقة لتقديم المسرحيات الكوميدية، وكان ظهور هذه الفرقة حدثاً فنياً في تاريخ المسرح المصري، فهي كانت اول فرقة مصرية تحدد اتجاهاً لنفسها، فقد اعلن صاحبي الفرقة انهما سيقومان بتمثيل الروايات المضحكة وهي روايات عصرية فكاهية

وقد مثلت تلك الفرقة خمسة مسرحيات هي (مباغتات الطلاق – ضرة مقرعة – الابن الخارق للطبيعة – المجرم الخفي – الماسون)، ولكن لم تستمر طويلاً فلم تلاق نجاحاً يُذكر مما أدى بصاحبيها إلى مجاراة تيار المسرحية الرومانسية فقدما مسرحية (الملك يلهو) لـ " فيكتور هيجو " في 18 أكتوبر عام 1907

ولكن الجمهور لم يتقبل الأمر حيث كان الناس يتصورون ان أي مسرحية تقدمها الفرقة هي مسرحية كوميدية، لذا توقفت الفرقة واعتزل " سليمان الحداد " المسرح واتجه نحو التعليم بينما استمر " عزيز عيد " يقتحم عالم المسرح منتقلاً بين الفرق المسرحية محاولاً ان يقنع أصحابها باتجاهه.

ولم يستمر ايضاً " سلامة حجازي " طويلاً إذ انه مرض مرضاً أعجزه عن أداء أدواره، واستمرت فرقته بالتمثيل بإدارة " عبدالله عكاشة " و " احمد أبو العدل " تحت اشرافه ثم انحلت وتكونت بعد ذلك باسم " شركة التمثيل العربي " بإدارة " عبدالله عكاشة " حتى شفي الشيخ سلامة في يونيو 1910 فكون لنفسه فرقة تمثيلية.

وإذا نظرناً الى المسرح منذ عام 1905 حتى 1912، فإننا لا نجد مسرحيات مؤلفة يمكن ان تثير ذهن الناقد، ولا مسرحيات مترجمة على درجة كبيرة من الفن، والمسرحيات التي استطاعت ان تقنع الجمهور لم يتركها النقاد دون عرض وتحليل مثل مسرحيات (هملت – روميو وجولييت – ابن الشعب – صاحب معامل الحديد) ولكن اثر النقد كان ضعيفاً على المسرح كما كانت الحركة المسرحية ضعيفة على النقد وخصوصاً بعد توقف فرقة " عزيز عيد " و " سليمان الحداد " ومن بعدهما فرقة " إسكندر فرح "

ومعظم الكتابات النقدية ما كانت إلا كتابات دعائية حرصاً على المسرح من التوقف أو هي كتابات يقصد منها توجيه الحركة المسرحية ودفعها اتجاه المجتمع، والقليل الذي التزم أصحابه ببعض المعرفة بالفن كان مبيناً على الذوق الخالص دون التقنيات الفنية.

وقد ظهر اثر كتابات المهتمين بالمسرح عند عودة " جورج ابيض " من أوروبا فقد استقبلته الصحف استقبالاً حاراً وتناولته معظمها بالتقريظ في أدائه للمسرحيات الفرنسية التي كانت تمثلها فرقته وطالبته أن يقوم بالتمثيل باللغة العربية وألحت على ذلك، فاستجاب جورج لإلحاح الصحافة ودعوة الوميين المصريين له بتأصيل المسرح في مصر، فكون فرقته المسرحية عام 1912 وقدمت في موسمها الأول ثلاث مسرحيات هي (أوديب ملكاً – لسوفوكليس " ترجمة فرح أنطون " – لويس الحادي عشر " ترجمة الياس فياض " – عطيل " ترجمة خليل مطران) ومنذ ان مثلت المسرحيات الثلاثة والنقد لم يتوقف بل ظهر قوياً ينبئ عن قدرة فنية ومعرفة كاملة للمسرح لم يكن لها ان تظهر لحظة ضعف الأداء المسرحي

واخذ النقاد يشجعون " جورج أبيض " في كل ما يقدمه للمسرح، مع بعض الهجوم من قلة من النقاد، إلا انه الانصاف والتقدير لمسرحه كان فوق ما تصل إليه أي فرقة من القرق المسرحية

وفي هذا الوقت كانت فرقتي " سلامة حجازي " و " عبدالله عكاشة " يحاولان ان يجاريا فرقة " جورج ابيض " فقدما مسرحيات رومانسية جديدة مع تشجيع من النقاد، مما أدى إلى ظهور اعمال مسرحية مؤلفة متكاملة في تأليفها مثل مسرحية " السلطان صلاح الدين " لـ (فرح أنطون) وكذلك المسرحية الاجتماعية " مصر الجديدة ومصر القديمة " لـ (فرح أنطون) رغم بعض الاقتباس من مسرحية " زازا " الا ان قوة التمثيل جعلتها تقرب من التأليف، وتتخذ الطابع المحلي للبيئة المصرية، وما فيها من فساد في ذلك الوقت كما تحمل الدعوى التي كان ينادي بها المصلحون " العمل أولاً "

ولم يتوقف النقد عن تقديم مسرحيات " جورج ابيض " و " سلامة حجازي " و " عبدالله عكاشة " حتى كون الثلاثة فرقة مسرحية واحدة عام 1914، ثم انفصل " عكاشة " عن " جورج ابيض " و " سلامة حجازي " وهنا اصبح لكل مسرح نقاده المدافعون عنه

وقد ظهر بعدها اتجاه جديد حين حول " عزيز عيد " فرقة " عبدالله عكاشة " التي لم تستطع ان تقف امام فرقة " جورج ابيض " في تمثيل الدراما فسهل على " عزيز عيد " ان يحولها إلى الكوميديا وهو يعلم رغبة صاحبها في الكسب، فمثلت الفرقة مسرحيات " يا ست ما تمشيش كده عريانه – بسلامته لسه مدخلش دنيا – ضربة مقرعة) وقد استغل " عزيز عيد " ظروف الحرب وما استتبعها من انهيار أخلاقي في تقديم هذا اللون محشواً بصور جنسية فاضحة، وكان هذا في زعمه بداية يعقبها تحول نحو مسرحيات الكوميديا الأخلاقية وساعده في هذا الاتجاه ممثل يُجيد الفرنسية وهو " أمين صدقي " الذي قام بالترجمة على طريقة " عزيز عيد " خير قيام

ولكن " عزيز عيد " فشل وتوقفت الفرقة بينما سار " أمين صدقي " في هذه الخطة موغلاً في استخدام الجنس كأداة من أدوات مسرحه، وكلما ازداد ربحه، كلما ازادت المسرحيات التي يقدمها تهتكاً وخلاعة، وقد جذب نحوه " نجيب الريحاني " بعد ان تزاملا في التمثيل في مقهى " الأبيه دي روز " ونجحا في تمثيل اسكتشات تصور غفلة الفلاحين والصعايدة نتيجة انتقالهم الى بيئات جديدة، فقد نجح هذا اللون الذي يسخر من الغفلة، وايضاً " علي الكسار " الذي كان يمثل شخصية البربري.

ثم انفصل " نجيب الريحاني " عن " أمين صدقي " فبحث أمين عن شريك له يقوم بأدوار تماثل ما يقوم به " الريحاني " فلم يجد أمامه سوى " علي الكسار " وايضاً جذب " أمين صدقي " لمسرحه " محمد بهجت " ليضمن اضطراد النجاح والتغلب على منافسة " نجيب الريحاني " وقد أدت المنافسة بين " الريحاني " و " صدقي " إلى ازدياد صورة المجون، فقد مثلت تللك المسارح مسرحيات تحمل عناوينها الإغراءات الجنسية مثل (اللي فيهم – أحلاهم – ست الكل – زأزوء وظريفه – مرحب)

وقد واجه النقاد هذا الاتجاه بحدة وعنف لأنه يزيف المجتمع ويزيف النقد أيضاً، فقد اصطنع أصحاب الفرق بعض الكتاب يدافعون عن أعمالهم ضد النقاد، او يقدمونها في صورة جميلة محببة للنفس، مطلية بالدعوى الأخلاقية التي أدّعوا ان مسارحهم تدعو إليها.

وقد اتجهوا إلى أصحاب الفرق الجدية يوجهونها ويشجعونها ويدافعون عنها غير ان هذه الفرق لم تكن على درجة كبيرة من الصلابة لتقدم فناً يستطيع ان يرتفع إلى الدرجة التي يقاوم بها التزييف الذي لون بالجنس مسرحيات " الفودفيل " فجورج ابيض وهنت عزيمته واخذ يكرر تمثيل المسرحيات التي بدأ بها حياته الفنية، وعاد إلى تمثيل مسرحيات قديمة مثلت في بداية ظهور المسرح المصري بنفس الترجمة القديمة مثل مسرحية " تليماك " و " أبي الحسن المغفل " ولم يقدم سلامة حجازي شيئاً جديداً بعد انفصاله عن جورج ابيض عام 1916

ونستطيع القول بأن النقاد هم الذين وجهوا المسرح في المرحلة الثالثة عام 1915 – 1923 إلى الاتجاه نحو مذهب الحقيقة

وقد استطاع النقاد القوميون وأصحاب المثل العليا ان يوقفوا هذا التيار، ويؤدوا بالفرق المسرحية الخليعة الى تغيير اتجاهاتها، فاتجه الريحاني نحو الكوميديا الأخلاقية، وخفف أمين صدقي والكسار من حدة الاتجار بالجنس، ووجد عزيز ارضاً يقيم فيها تجاربه الفنية في تقديم المسرحية الاجتماعية.

وإذا نظرنا إلى هذه الفترة كلها في تاريخ المسرح لوجدنا انها حقل التجارب الذي مر به المسرح المصري وكان من الممكن ان يؤدي إلى ظهور مسرح مصري أصيل لاسيما وانه في نهاية الفترة برزت تجارب في تأليف المسرحية الواقعية كانت تبشر بخير كثير.

وإذا أمعنا نظرنا لوجدنا ان تاريخ النقد المسرحي مرتبط إلى حداً كبير بتاريخ المسرح في مصر

تصنيف المقالات النقدية للنقد المسرحي:

يمكن تصنيف المقالات النقدية في هذا العصر إلى ثلاثة أنواع:

أولاً: نقد الدعاية:

وهو النقد الذي ظهر متقدماً عن الأنواع الأخرى من النقد إذ ظهر بظهور المسرح الشامي الوافد عام 1876، ويتناول المسرح ويدعو له ويدافع عنه

ثانياً: نقد توجيهي:

هدفه استخدام المسرح أداة للتوجيه الاجتماعي، وهذا النقد مرتبط إلى حداً كبير بمفهوم الوظيفة الاجتماعية للفن وتطور هذا اللون تبعاً لتطور ظروف المجتمع منذ 1898 وهو بداية ظهوره حتى عام 1923، وكان تطوره ايضاً كان نتيجة لتطور مفهوم الوظيفة الاجتماعية في الفن لدى نقاد هذه الفترة.

ثالثاً: النقد الفني:

وهو النقد المرتبط بالأسس والقيم النظرية للمسرح ويبدأ في الظهور عام 1898، وقد وجدنا لونين منه نقد نظري يحاول تقديم نظرية المسرح حسب إدراكهم لها، ونقد تطبيقي يقوم على أساس تطبيق نظريات المسرح قي نقد المسرحيات التي تقدمها الفرق المسرحية وهذا النقد بدوره مر بمراحل في طريق تطوره نحو الاكتمال كل مرحلة منها ذات سمة خاصة تختلف عن سابقتها.

End of Topic


(إيجاد)

(اطّلِع، تعرف، تعلم، درب عقلك، طور من نفسك، زِد معرفتك، كُن على معرفة، فالمعرفة بين يديك)
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

أهلاً ومرحباً بكم في | إيجاد | تسعدنا آرائكم ومشاركتكم معنا دائماً، فتشاركونا بآرائكم وتعليقاتكم التي تدفعنا إلى مزيداً من العطاء وإيجاد المعرفة